بحمل المطلق على المقيد أيضا مفروغ منه، واحتمال كونه ناسخا على الوجه المزبور موجود، وتصير النتيجة الأخذ بالمطلق على خلاف ما تعارف عليه الفقه.
ولكن مع الأسف، إن المتبع هو المقدم، ضرورة أن حمل المطلق على المقيد - فيما إذا تقدم تأريخا على المقيد - من الأمور العرفية في محيط التقنين ومن الواضحات العقلية، فيما إذا كان حمل الهيئة في المقيد على الإرشاد إلى تحديد مصب الإطلاق ممكنا.
وأما إذا كان المقيد متقدما، فلا سبيل إلى التشبث بالوجوه الصحيحة في حمل المطلق المتأخر، لأن المقيد المتقدم محمول - حسب الأصل الأولي - على الحرمة، والمطلق المتقدم على الوجوب، وكما يمكن التصرف في الإطلاق الأحوالي الثابت للمتأخر، يمكن التصرف في الإطلاق الأزماني الثابت للمتقدم.
وليس من دأب العقلاء تقنين الكليات القانونية بعد ذكر القيود، حتى يكون إطلاق المتأخر محمولا على ضرب القانون، هذا ولا سيما فيما إذا كان الإطلاق والتقييد في هذا الفرض، واردين عند الأسئلة الجزئية، ولدى الابتلاءات الخاصة الشخصية الدائرة على المكلفين.
فبالجملة: لم يرد نص من الكتاب والسنة على حمل المطلق على المقيد أينما كانا، وعلى أية وجهة وردا، فما دام لم يثبت أنه جمع عرفي، ليس أحد التصرفين أهون من الآخر، بعد إمكان كون النسخ معناه ما احتملناه قريبا، فإذا ورد مقيد مشتمل على الهيئة التحريمية، تكون هي - حسب الإطلاق الأزماني - ظاهرة في الأبدية، وإذا ورد المطلق فهو وإن كان من جهة الأحوال بالنسبة إليه مطلقا، إلا أنه بالنظر إلى الإطلاق الأزماني المزبور مقيد وناسخ لخصوصية التقييد، لا لأمر آخر، ضرورة أن دليل القيد لا يدل إلا على تحريم المقيد مثلا، وأما بالنسبة إلى نفس