كما لا يستقر الظهور التام للأول، كذلك إذا ورد " لا تكرم الفساق منهم " أو " من العلماء " فإنه - طبعا وقهرا - يرجع إلى القانون الكلي، ويعد من تبعاته، ولا سيما إذا كان بناء القوانين على الصدور التدريجي.
ولذلك ترى في الدساتير العرفية والقوانين الأساسية العقلائية، ذكر المخصصات بعنوان المواد والتبصرة في ذيل كتب القانون، ويلحقونه به في النشر للعمل، فتأمل جيدا.
ومن هنا يظهر: أن ما أفاده " الدرر " (1) غير تام على كليته، كما أن ما أفاده السيد الوالد - مد ظله - ردا عليه (2)، في غير محله، لأن النظر المزبور فيه يرجع إلى ما حصلناه. ولا تنافي بينه وبين كون ذلك هو الوجه، للزوم الفحص عن المخصص قبل العمل بالعام، كما أنه هو الوجه لتقديم الخاص والمقيد على العام والمطلق.
فتحصل: أن الوجوه المشار إليها كلها غير تامة، ولا سيما القول بتعنون العام بالمخصص، لما عرفت منا (3) من إنكاره في الاستثناء، فضلا عن غيره، وعرفت أن التفصيل المزبور قريب.
إن قلت: بعدما استقرت حجية العام وتم ظهوره، فلا معنى للسراية (4).
قلت: نعم، إلا أنه إذا أخبر المتكلم والمقنن مثلا بعدما استقر الظهور: بأن الأمر اشتبه عليه، وكان في نفسه يقول: " أكرم العلماء إلا الفساق منهم " فهل ترى حجية العام في الشبهة المصداقية الناشئة عن المفهومية، أم مجرد انفصال المخصص لا ينفع؟! فإذن تتبين وجاهة التفصيل.