وأيضا نقول: إن القصد والإرادة المتقوم بهما الاستعمال، أعم من القصد والإرادة التي يتعقبها الحكم الانشائي، فيحصل بذلك شرط صحة الاستعمال، وهذا هو المعبر عنه ب " الإرادة الاستعمالية " فما في تقريرات العلامة النائيني (1) وغيره (2) من إنكار الإرادتين: الاستعمالية، والجدية، يرجع إلى إنكار الحكمين: الانشائي، والجدي والفعلي، وحيث لا سبيل إلى الثاني فيتعين الأول بالضرورة.
هذا مع أنا أنكرنا الاستعمالات المجازية - بمعنى استعمال اللفظ في غير ما وضع له - حتى في المجاز المرسل، فإن في مثل الأمر بسؤال الدكة والعير والقرية، لا يريد المتكلم في مقام الاستعمال إلا الدكة والعير والقرية، ولكن له قصد آخر ينتقل إليه الناس عند استماع كلامه، وهو صاحب الدكة. وهذا غير استعمال اللفظ في صاحبها، ولا يكون من المجاز في الإسناد بحذف المضاف، وتفصيله في محله (3)، ومن شاء فليراجع.
وبالجملة تحصل: أن في كافة العمومات الاستغراقية - إخبارية كانت، أو إنشائية - لا مجازية، من غير ارتباط المسألة بالحجية واللا حجية، كما يأتي.
مثلا: في القضايا الإخبارية إذا أخبر عن مجئ كل عالم عنده، ثم توجه بعد ذلك إلى أن طائفة منهم ما جاؤوا، فإنه لا تلزم المجازية وإن كانت القضية كاذبة. ولو لزمت المجازية لما لزم الكذب، ففيما إذا كان معذورا من الكذب لجهله بالواقعة لم تستوعب أداة العموم، ولكن لا تلزم المجازية، لأنها استوعبت بحسب