الاستيعاب فيلزم النسخ الممتنع كما لا يخفى.
وحيث لا سبيل إلى الأول والثالث يتعين الثاني، وهو المطلوب.
ومن التقريبين يظهر قصور تقريب القوم حول لزوم المجازية، فإنه يظهر منهم:
أن كلمة " كل " وأداة العموم ليست إلا لاستيعاب الطبيعة المهملة الواردة عليها، وهذا معنى استعملت فيه الأداة قبل التخصيص وبعده، فلا مجازية (1).
وفيه: أن الاستيعاب متقوم بالمستوعب والمستوعب، فلا بد من أن نقول: إن الأداة وضعت لبسط الحكم المذكور في القضية الإخبارية أو الإنشائية على الأفراد على نعت الاستقلال، وعلى المجموع في العام المجموعي، فلا بد هناك من جهة الاستيعاب، ومن أمر استوعبه.
أقول: الأمر كما تحرر في الوجهين والتقريبين، ولكن لنا أن نقول بعدم لزوم المجازية أيضا، وذلك لأن الحكم المتقوم به الاستيعاب الذي وضعت له أداة العموم، أعم من الحكم الانشائي والجدي، وليكن ذلك هو الانشائي دون الجدي، فلا يلزم اختلال في وظيفة الأداة، لسريان الحكم الانشائي إلى جميع الأفراد، دون الجدي، وذلك للقرينة المتصلة أو المنفصلة.
وأما البحث عن سر الأحكام الإنشائية وإلقاء القوانين العامة، فهو خارج عن هذه المسألة. مع أن ذلك مما لا مفر منه لوضوحه، وعليه بناء كافة العقلاء في قوانينهم العرفية، وقاطبة الشرائع في تشريعاتها الإلهية، فما ترى في كلماتهم حوله (2) لا يخلو من تأسف.