إن قلت: لا ظهور لغة للفظة " الكل " في العموم الاستغراقي، لأنه كثيرا ما يستعمل في العام المجموعي، كما إذا قيل: " أكلت السمكة كلها " وليس ذلك من المجاز بالضرورة.
قلت: نعم، إلا أن الاستغراقية والمجموعية تستفادان من القرائن الواردة، ولا شبهة في ظهور قوله: " أكرم كل عالم " في الاستغراقية والأصولية.
إن قلت: مفهوم " الكل " من المفاهيم الاسمية، فيكون هو مورد الأخبار والأمر والنهي، ويلزم بناء عليه كون عنوان " الكل " مورد الحكم، ونتيجة ذلك ظهور الكلام في العام المجموعي (1).
قلت: قد عرفت منا أن كلمة " كل " تارة: تضاف إلى المعرف ب " اللام " كما إذا قيل: " أكرم كل العلماء " فحينئذ لا يبعد دعوى ظهوره البدوي في المجموعي، وإن لم يخل من إشكال، كما في قوله تعالى: * (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل) * (2).
وأخرى: يضاف إلى النكرة، وهي لمكان اشتمالها على التنوين تدل على الوحدة، وعندئذ يصير قولنا: " كل عالم " بمنزلة قولنا: " كل واحد من العلماء " وفي الفارسية: (هر يك عالم) وعندئذ يكون ظاهرا طبعا في الاستغراق، وينسلخ المضاف عن كونه المخبر عنه (3).
إن قلت: بناء النحاة على أن يجعلوا كلمة " كل " في قولك: " كل رمان حامض " مبتدأ، ولا يعقل ذلك إلا على القول: بأن مفاده العام المجموعي، ولو كان عاما استغراقيا كان المبتدأ أفراد الرمان.