من المنطوق (1)، أم إذا دلت على الحصر فدلالتها على المفهوم بالوضع (2)؟ وجهان.
والذي هو المهم في المقام: أن هذا المفهوم لا يقبل التقييد والتخصيص، وذلك للزوم المجازية بعد كون " إنما " مفيدة بالوضع للحصر، لأن التصرف في المفهوم يوجب التصرف في المنطوق، وتصير النتيجة عدم كونها للحصر. والحمل على الحصر الإضافي إنكار لدلالتها على الحصر، فهذا أيضا شاهد على أن مفاد كلمة " إنما " ليس الحصر.
فلو ورد: " إنما يضر الصائم أربعة " وكان معناه اللغوي حصر المضرة في الأربعة، فالتخصيص يوجب كون المضر خمسة، وهو خلاف ما دل عليه لفظة " إنما " ودعوى استناد الحصر إلى مقدمات الإطلاق (3) فاسدة.
فما اشتهر: " من أن مفهوم الحصر أقوى المفاهيم " (4) في غير محله، بل مفهوم الحصر إن كان مستندا إلى الوضع فهو يخرج عن المفهومية، ويكون أقوى من المنطوق، لأن من المنطوق ما يقبل التخصيص كالعمومات، بخلافه، لدلالة أداته على حصر الحكم بالمذكور في القضية، والتقييد خروج عما وضعت له، وإن كان مستندا إلى مقدمات الإطلاق فهو وغيره سيان.
وما ذكرناه في مفهوم الاستثناء بتوهم حل هذه المشكلة هناك (5)، غير مرضي عندي بعد، والمسألة تحتاج إلى مزيد تأمل وتدبر.