وعلى كل تقدير: تكون كلمة " إلا " مستعملة في الاستثناء، وتفيد أن حقيقة الصلاة متقومة بالطهور، لا أن الصلاة ليست إلا الطهور، فإنه لو كان المراد ذلك لكان ينبغي أن يقال: " لا صلاة إلا الفاتحة أو الطهور " فإتيان المستثنى مجرورا ب " الباء " يوجب كون عنوان " الصلاة " ملحوظا في المستثنى أيضا، فيكون من قبيل قولهم:
" لا قول إلا بعمل " (1) فيستفاد منها حينئذ انحصار ما لا مقومية له بالنسبة إلى الصلاة بغير الطهور والفاتحة.
ومن هنا يظهر: أن ما أفاده جمع من الأصحاب (رحمهم الله) " من أن المراد من هذه التراكيب مجرد إثبات شرطية المستثنى في المأمور به " (2) خال من التحصيل، لأن هذه الكلمة مشتملة على " لا " النافية للجنس، و " إلا " الاستثنائية بالضرورة، فلا بد من المستثنى منه، وتكون النتيجة هنا - كسائر الجمل - واحدة.
ومجرد قولهم: " إنه ما في مقام كذا " لا تنحل به المعضلة، للزوم مراعاة أصول العربية فيها بنحو أعلى وأحسن، وقد عرفت أن الإعضال ليس في أنها لا تفيد الإثبات بعد النفي، بل المشكلة أعم من ذلك، وقد انحلت بحمد الله من غير لزوم منقصة في هذه العبارات الصادرة بعضها من الأفصح الأبلغ (صلى الله عليه وآله وسلم) مع استفادة بعض الجهات الاخر، كحكومة هذه العبارات على قاعدة: " لا تعاد الصلاة... " (3) وأمثالها.
فليتأمل جيدا.
فتحصل: أن " إلا " في هذه التراكيب أيضا تفيد الحصر، وتصير النتيجة هي الإثبات في الكلام المنفي، إلا أن الجواب الثالث أمتن من الثاني، فإن نفي اشتراط