مقتضى كون الاستثناء من النفي إثباتا، هو أن تمام الصلاة وتمام المأمور به هو الطهور، أو هو فاتحة الكتاب، وأن الصلاة هي الطهور، أو هي فاتحة الكتاب، فيلزم الإعضال جدا.
وثانيا: لو صح أن يقال: إن عنوان " الصلاة " محفوظ في ناحية المستثنى في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا صلاة إلا بطهور " لأن الطهور من الشرائط، صح أن يقال:
بانحفاظه في سائر الهيئات والتراكيب، فيكون حينئذ قابلا للتقييد، ضرورة أنه إذا رجع ذلك إلى قولنا: " لا صلاة إلا أن الصلاة بالطهور " أو " بالفاتحة " يكون إثباتا بعد النفي، ويقيد بالأدلة المنفصلة، لأن مقتضى إطلاق قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا صلاة إلا بطهور " اشتراط الصلاة بالطهور فقط، أو بالفاتحة فقط، ثم بعد ورود الأدلة يكشف أن الانحصار إضافي، فليتأمل جيدا.
وثالثا: إن في المستثنى منه يكون النظر إلى نفي الاسم والحقيقة، وعلى هذا لا منع من الالتزام بأن الطهور والفاتحة من المقومات للاسم والطبيعة، بخلاف غيرهما، فيكون الكلام في مقام إفادة اختصاص الطهور والفاتحة بشئ، فيكون نفيا موجبا للإثبات، ويلتزم بذلك في الفقه، بمعنى أن الصلاة ليست متقومة بالستر وأمثاله وبسائر الأجزاء إلا إذا دل دليل على خلافه، فلا نظر في هذه العبارات إلى الأمر والمأمور به، بل النظر مقصور على تقسيم نسبة الصلاة إلى الأجزاء، وأن منها ما تعد مقومة، ومنها ما لا مقومية لها بالنسبة إليها وإن كانت شرطا وقيدا في المأمور به.
وبعبارة أخرى: يحتمل أن يكون المراد من هذه التراكيب نفي الحقيقة، أو نفي الاشتراط، أو نفي الإمكان، أو نفي الصحة، ولكن الظاهر أنها في موقف الادعاء، ويكون النظر إلى إفادة الاشتراط على وجه التقويم ادعاء وأن الطبيعة متقومة بها.