ويكون بالنسبة إلى المستثنى مهملا، فيكون الحكم من هذه الناحية على وجه الإهمال.
ولكن لو كان الأمر كذلك، لكان تسمع دعواه في المحاكم العرفية، فيما إذا قال: " ليس لزيد علي دراهم إلا درهم " فيعلم منه أن الأمر لا يستند إلى مقدمات الإطلاق أيضا، فيكون المستند هو الوضع.
اللهم إلا أن يقال: إن مفاد " إلا " ليس إلا الإخراج من المستثنى منه حكما، وهذا هو تمام المعنى الموضوع له، وأما إثبات الحكم المخالف لمدخولها، فهو لازم كون الحكم محصورا بالموضوع، ومخصوصا بالمستثنى منه بعد الاستثناء، ولأجله ينتفي الحكم عما بعدها.
وبعبارة أخرى: لو كان المستثنى مستندا إلى كلمة " إلا " وضعا لكان ذلك من المنطوق، لا المفهوم، وهو خلاف ما عليه الأصوليون (1)، وعليه فيكون الحكم الثاني مستندا إلى استفادة حصر الحكم الأول بالمستثنى منه بعد الاستثناء، وعندئذ يثبت المفهوم، ولا يستند إلى الوضع أيضا، فليتدبر جيدا.
وبناء على هذا ما اشتهر في كلمات النحاة: " من أن الاستثناء من الإيجاب نفي وبالعكس " في محله، لعدم ظهور ذلك في دلالة أداة الاستثناء وضعا عليه، ولنعم ما قالوا: " إن نصب المستثنى ليس بفعل مقدر يدل عليه الفعل السابق " (2) خلافا لبعض النحاة (3)، وهذا شاهد على أن الجمهور منهم على " أن الاستثناء من الإيجاب نفي وبالعكس " قاعدة مستخرجة من المنطوق والمفهوم معا، لا المنطوق