والأوثان لأجل أن يقربوهم إلى الله زلفى، فلا يكون مشركو العرب عابدين للأصنام لأجل الاستحقاق، بل كانوا يعبدونهم لأجل المطلوب الآخر، فلا تخلط واغتنم.
إذا تحصلت هذه الأجوبة القاصرة كلها عن حل المشكلة، فإليك الأجوبة الأخرى الكافية، على إشكال في بعض منها:
الأول: أن المحذوف يختلف باختلاف المواقف، ولا برهان على تعينه في كل المراحل، ففي مورد يراد الإقرار بالتوحيد الذاتي يكون المحذوف عنوان " الواجب " مثلا، ويراد من كلمة " الإله " عنوان الخالق، أو المعبود، وفي مورد يراد الإقرار بالتوحيد العبادي يكون المحذوف عنوان " الأحد " وما يحذو حذوه، وحذف المتعلق والخبر ربما كان لأجل الإيماء إلى ذلك.
الثاني: أن يكون المحذوف مجموع العناوين في جميع المواقف والمراحل، ولا دليل على لزوم كون لفظة " لا " ذات خبر واحد، وقد قال ابن مالك:
وأخبروا باثنين أو بأكثرا * عن واحد كهم سراة شعرا (1) الثالث: أن الرجوع إلى ترجمة هذه الكلمة في بعض الألسنة الأخرى، تعطي أن كلمة " لا إله " نافية وتامة، وتكون إخبارا عن " الليس " المحض والعدم الصرف، ويكون نفي الموضوع، دون الهوية والربط.
وإن شئت قلت: إن كلمة " إلا " هنا بمعنى " غير " ويكون هو الخبر، ولا يأتي هذا الاحتمال في مثل: " لا صلاة إلا بطهور " و " لا حول ولا قوة إلا بالله " لمكان حرف الجار الوارد على المستثنى، كما لا يخفى.
ويمكن دعوى: أن ذلك غير جائز، لأن كلمة " غير " لا يمكن حملها على الإله حتى يتخلل بينهما حرف السلب، فتكون هي للاستثناء أيضا، إلا أن المستثنى