أحدا إلا زيدا ": " بأنه أخبر بكذا " أو " أخبر بكذا " وهذا من الشواهد القطعية على صحة النسبة فيما نحن فيه: " بأن الشرع أوجب إكرام العلماء العدول، وما أوجب إكرام غيرهم " وإليه يرجع ما اشتهر في كتب النحاة (1) وغيرها (2): " من أن الاستثناء من النفي إيجاب، ومن الإيجاب نفي ".
ولو كان المقصود من الاستثناء أمرا آخر فهو محمول على الندرة، كما إذا أريد في الاستثناء إفادة مثله في مجئ زيد، وأنه إذا قال: " جاءني القوم إلا زيدا " أراد أن مجئ القوم قطعي دون زيد، فهو خارج عن ظهور الكلام ووضعه كما لا يخفى.
وعلى هذا فيستفاد منها الحصر، وأن موضوع الوجوب هم العدول منهم، والفساق ليسوا موضوعا، فينفي الحكم، أو أن الحكم مخصوص بالطائفة الأولى، فلا حكم بالنسبة إلى غيرهم، وهذا هو المفهوم المقصود في المقام.
ومما يشهد على ذلك حكم العقلاء بالإقرار على من قال: " ليس لزيد علي دراهم إلا درهم " ويأخذون منه ذلك الدرهم، مستندين إلى اعترافه به، ولا تسمع دعواه الإهمال، كما هو الظاهر.
نعم، هنا إشكال لا بد من دفعه، وهو قوله تعالى: * (إن هو إلا نذير مبين) * (3) فإنه يخالف قوله تعالى: * (إن أنا إلا نذير وبشير) * (4) في تلك السورة بعد آيات، فليتدبر.