الميثاق بالكفر والانكار. فأما علة ما أخرجه الله تعالى من الجنة فهل تدري ما كان الحجر؟ قلت لا. قال كان ملكا عظيما من عظماء الملائكة عند الله تعالى فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك فاتخذه الله تعالى أمينا على جميع خلقه وألقمه الميثاق وأودعه عنده واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الاقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ الله تعالى عليهم، ثم جعله الله مع آدم (عليه السلام) في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده الاقرار في كل سنة، فلما عصى آدم (عليه السلام) وأخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمد صلى الله عليه وآله ولوصيه وجعله تائها حيران، فلما تاب على آدم عليه السلام حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم عليه السلام وهو بأرض الهند، فلما نظر إليه أنس إليه وهو لا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة، فأنطقه الله تعالى فقال له يا آدم أتعرفني؟ قال لا. قال أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك. ثم تحول إلى صورته التي كان مع آدم (عليه السلام) في الجنة فقال لآدم أين العهد والميثاق؟ فوثب إليه آدم (عليه السلام) وذكر الميثاق وبكى وخضع له وقبله وجدد الاقرار بالعهد والميثاق، ثم حوله الله (عز وجل) إلى جوهرة الحجر درة بيضاء صافية تضيئ فحمله آدم (عليه السلام) على عاتقه اجلالا له وتعظيما فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل حتى وافى به مكة فما زال يأنس به بمكة ويجدد الاقرار له كل يوم وليلة. ثم إن الله تبارك وتعالى لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم أخذه في ذلك المكان وفي ذلك المكان ألقم الملك الميثاق ولذلك وضع في ذلك الركن، ونحى آدم عليه السلام من مكان البيت إلى الصفا وحواء إلى المروة ووضع الحجر في ذلك الركن، فلما نظر آدم (عليه السلام) من الصفا وقد وضع الحجر في ذلك الركن كبر الله (عز وجل) وهلله ومجده ولذلك جرت السنة بالتكبير
(١٢)