ثم إنه على تقدير تخصيص الكثرة بالثلاث فهل الحكم بتعلق بالثالثة أو الرابعة؟ قولان، قال في الروض: ومتى حكم بثبوتها بالثلاثة تعلق الحكم بالرابع ويستمر إلى أن يخلو من السهو والشك فرائض يتحقق بها الوصف فيتعلق به حكم السهو الطارئ وهكذا. انتهى.
وتمسك القائلون بذلك - على ما نقله بعض مشايخنا (رضوان الله عليهم) - بأن حصول الثلاث سبب لتحقق حكم الكثرة والسبب مقدم على المسبب. ويرد عليه أن تقدم السبب ذاتي ولا تنافيه المعية الزمانية. مع أن التقدم الزماني لا يخل هنا بالمقصود وظاهر ما قدمنا نقله عن المحقق الأردبيلي تعلق الحكم بالثالث. واحتمل في الذكرى حصول الكثرة بالثانية، قال: ويظهر من قوله عليه السلام في حسنة حفص بن البختري (1) " ولا على الإعادة إعادة " أن السهو يكثر بالثانية. إلا أن يقال يختص بموضع وجوب الإعادة. انتهى.
أقول: قد قدمنا أن الأظهر في معنى هذه العبارة هو أنه لو صدر منه شك أو سهو موجب لإعادة الصلاة ثم حصل في الصلاة المعادة ما يوجب الإعادة أيضا فإنه لا يعيد ويلتفت إليه بل يتم صلاته، ولا منافاة بينه وبين التحديد الواقع في صحيحة محمد بن أبي عمير (2) إذ لا يلزم أن يكون عدم الإعادة في الصلاة المعادة إنما هو لحصول الكثرة بل هما حكمان شرعيان بينهما عموم وخصوص من وجه، إذ السهو الموجب للكثرة لا ينحصر في ما كان سببا للإعادة، والسهو في المعادة لا يستلزم كثره السهو (3) وإن اجتمع الحكمان في بعض الموارد ولا تنافي بينهما.
وقد عرفت أن ظاهر كلام الذكرى أن الإعادة تستلزم الكثرة، ويظهر من المدارك موافقته على ذلك حيث قال بعد نقل عبارة الذكرى المتقدمة: وهو كذلك إلا أني لا أعلم بمضمونها قائلا.