وأما ما استدل به للقول المشهور فهو بمحل من القصور، أما صحيحة محمد بن مسلم فإن موردها التشهد الأخير ومحل البحث في الأخبار وكلام الأصحاب إنما هو التشهد الأول للتفصيل الواقع في الأخبار وكلامهم بكون الذكر قبل الركوع أو بعد الركوع.
وأما رواية علي بن أبي حمزة فهي وإن كان موردها التشهد الأول إلا أن ظاهرها أن التشهد الذي بعد الفراغ إنما هو تشهد سجدتي السهو وأنه يقصد به التشهد الذي فاته، فهي بالدلالة على خلاف مرادهم أنسب وإلى الدلالة على ما ندعيه أقرب، إذ مرجع ما دلت عليه إلى ما صرحت به عبارة كتاب الفقه المذكورة، على أن المفهوم من كلامهم أن الواجب هو الاتيان بالأجزاء المنسية أو لا ثم سجود السهو لها ومقتضى هذه الرواية بناء ما يدعونه هو تقديم سجود السهو على قضاء الأجزاء فلا يتم الاستناد إليها من هذه الجهة.
وكيف كان فينبغي بناء على ما اخترناه أن يقصد بتشهده في سجدتي السهو قضاء التشهد المنسي.
وأما ما رواه الشيخ عن محمد بن علي الحلبي (1) - قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهد؟ قال يرجع فيتشهد.
قلت أيسجد سجدتي السهو؟ فقال لا ليس في هذا سجدتا السهو " - فمحمول على ما إذا ذكر ذلك قبل الركوع.
الموضع الثاني - في وجوب سجدتي السهو في الموضع المذكور وقد عرفت تكاثر الأخبار بذلك، وهو الذي صرح به أكثر الأصحاب (رضوان الله عليهم) بل بعض شراح الشرائع أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب.
قال في الذخيرة: ونقل في المختلف والذكرى الخلاف فيه عن ابن أبي عقيل والشيخ في الجمل والاقتصاد ولم يذكره أبو الصلاح في ما يوجب سجدة السهو.
أقول: إنه إن كان مراده (قدس سره) أنهما صرحا في الكتابين المذكورين