(الرابع) - إعلم أن ظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف أن حكم الشك مع الكثرة عدم الالتفات إليه بالكلية كما تقدمت الإشارة إليه، فلو اشتمل على ما يبطلها في غير تلك الحال من الأركان أو الأفعال لم تبطل في صورة الكثرة بل يمضي في صلاته ويبني على وقوع المشكوك فيه وإن كان محله باقيا ركنا كان أو غيره ما لم يستلزم الزيادة فيبني على الصحيح، وقد دلت موثقة عمار (1) على أنه بالشك في الركوع والسجود وإن كان في محله فإنه يمضي ولا يركع ولا يسجد. وإذا ثبت ذلك في الأركان ثبت في غيرها من الأفعال بطريق أولى، مضافا إلى الأمر بالمضي في الأخبار وهكذا يقال بالنسبة إلى السهو على ما اخترناه من العموم. ومن جملة ذلك أيضا صلاة الاحتياط في صور الشك المتقدمة فإنه لا يأتي بها، وتردد المحقق الأردبيلي (طاب ثراه) في سقوط صلاة الاحتياط. ولا يخفى ما فيه.
وقد أشرنا في ما تقدم أيضا إلى أن الحكم بما ذكرناه من عدم الالتفات إلى الشك أو السهو حتمي لظواهر الأوامر والنواهي الواردة في الأخبار، ولم يظهر خلاف في ذلك إلا ما قدمناه عن المحقق الأردبيلي وقبله الشهيد في الذكرى.
ومقتضى كلام الأصحاب أن من كثر شكه فإنه يبني على الأكثر وتسقط عنه صلاة الاحتياط لعلة الكثرة، واختار المحقق الأردبيلي (قدس سره) البناء على الأقل للأصل مع العمل بعدم اعتبار الشك مع الكثرة في الجملة. ولم أقف على قائل بذلك سواء.
ولا يخفى على الناظر في الأخبار بعين التأمل والاعتبار أنه ليس العلة في تغيير الحكم في كثير الشك عن ما كان عليه غيره إلا مراعاة جانبه والتخفيف عيه بدفع وساوس الشياطين عنه، والتخفيف إنما يحصل بما عليه الأصحاب من البناء على الأكثر وجعل المشكوك فيه كأنه فعله وأتى به من غير أن يترتب على ذلك شئ زائد على اتمامه الصلاة على تلك الحال، إذ في البناء على الأقل يحصل زيادة تكليف موجب