كصحيحة زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) (1) قال: " وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ولا شئ عليه... " وهذا القول لا يخلو من رجحان إلا أن الأول أجود. إنتهى.
أقول - وبالله الثقة لادراك المأمول ونيل المسؤول - الظاهر أن هذا الدليل الذي نقله عن القائلين بالتخيير إنما هو من مخترعاته (قدس سره) بناء على ما توهمه من الصحيحة المذكورة وأنها دالة على البناء على الأقل حسبما جرى له في حسنة زرارة المتقدمة، ويدل على ذلك (أولا) أن العلامة في المختلف إنما احتج لأصحاب هذا القول بدليل عقلي اقناعي ثم رده وابطاله. و (ثانيا) أنه قد نسب هذا القول والاحتجاج بهذا الدليل إلى ابن بابويه مع أنه ليس له في كتابه عين ولا أثر كما عرفت، ولكنه (قدس سره) حيث فهم من الرواية المذكورة - وقوله فيها:
" قام فأضاف إليها أخرى " يعني بنى على الثلاث وقام فأضاف إليها رابعة - البناء على الأقل مع صراحة الأخبار المتقدمة في البناء على الأكثر جمع بينها بالتخيير وجعله دليلا لهذا القول، وكان الأولى على هذا أن يقول: ويدل على هذا القول أن فيه جمعا بين الأخبار لا أنه ينسب ذلك إلى أصحاب هذا القول والحال كما عرفت.
وتحقيق القول في هذا المقام على وجه تنكشف به غشاوة الاشكال ويتضح به هذا الاجمال هو أن يقال: لا يخفى على المتأمل في أخبار الاحتياط التي وردت في هذه الصور المنصوصة بعين الانصاف أن الأئمة (عليهم السلام) ربما أجملوا في التعبير عن ذلك الاحتياط إجمالا زائدا يوهم الناظر ما وقع فيه السيد المشار إليه ومن تبعه من توهم أنه من نفس الصلاة الأصلية وربما أوضحوا ذلك إيضاحا تاما وبينهما مراتب متفاوتة في الوضوح والخفاء وكل ذلك بالنظر إلى أحوال السامعين وزيادة الغباوة والبلادة والفهم والذكاء، ولهذا أن أصحابنا (رضوان الله عليهم)