ولا يغني من جوع، لأنا نرى بالفعل في جميع الأوقات التي مرت بنا وبمن تقدمنا في زمن الغيبة ما وقع من الاجتماع في هذه الفرائض المعدودة والكثرة مثل ما في الاجتماع الواجب للجمعة مع أنه لم يترتب عليه مفسدة ولا ضرر وليس العيان كالخبر. على أن الأخبار المتقدمة المصرحة بوجوب الجمعة قد دلت على اشتراط الوجوب بعدم خوف ضرر أو حدوث فتنة كما يرشد إليه قولهم (عليهم السلام) " ولم يخافوا " (1) ومعه فلا جواز فضلا عن الوجوب. على أنا نقول مجرد حصول النزاع على شئ لا يقتضي عدم شرعيته فإنه أمر ينشأ من فعل المكلفين من غير أن يكون لأصل الحكم الشرعي مدخل فيه، ولو كان الأمر كما ذكروا لبطل كثير من الأحكام التي هي أعظم من ما نحن فيه بل ما اخضر للاسلام عود ولا استقام له عمود.
ثم إنه لا يخفى عليك أن المحقق المذكور ونحوه قد تبعوا في ذلك علماء العامة، قال بعض محققي متأخري المتأخرين من مشايخنا الأخباريين بعد نسبة اشتراط حصول الإمام أو نائبه إلى أبي حنيفة وأتباعه من المخالفين القائلين بهذا الاشتراط ما سوى الحسن البصري والأوزاعي وحبيب بن أبي ثابت بل محمد بن الحسن أيضا وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه (2): وعمدة مستندهم أن الاجتماع مظنة النزاع ومثار الفتن والحكمة موجبة لحسم مادة الاختلاف ولن يستمر إلا مع السلطان (3). انتهى. وهو كما ترى عين ما قدمنا نقله عنهم (رضوان الله عليهم) ".
(الثالث) - ما ذكروه من أن النبي صلى الله عليه وآله والخلفاء من بعده كانوا يعينون أئمة للجماعات.
وفيه (أولا) - أنه منقوض بالوجوب التخييري الذي ذهبوا إليه إذ لا فرق بين الوجوبين في ذلك فكيف أثبتوه في أحدهما ونفوه في الآخر؟
و (ثانيا) - بالنقض بإمامة الجماعة والأذان فإنهم كانوا يعينون لأمثال ذلك أيضا فيلزم بمقتضى ما ذكروه سقوطهما زمن الغيبة.