وفي أكثر هذه الأحكام تأمل سيما بعد ما عرفت من أن عمدة ما يقضي عندهم من الأجزاء المنسية هو السجدة والتشهد، وقد عرفت أن الروايات الواردة بقضاء السجدة ليس فيها ما يدل على سجود السهو بل الذي فيها إنما يدل على عدمه، والروايات الواردة في التشهد لا دلالة فيها على قضاء التشهد كما يدعونه وإنما تضمنت سجود السهو خاصة، ومع الاغماض عن ذلك والنظر إلى استدلالهم فما اشتمل منها على قضاء التشهد ليس فيه تعرض للسجود بالكلية وما اشتمل منها على السجود ليس فيه تعرض لذكر القضاء بالكلية.
(العاشر) - المشهور بين الأصحاب (عطر الله مراقدهم) أن وجوب السجدتين المذكورتين فوري مستندين إلى كون الأمر للفور. وفيه منع ظاهر لما صرح به محققو الأصوليين في المسألة من عدم ذلك كما لا يخفى على من راجع كتبهم.
واستندوا أيضا إلى الأخبار المتقدمة الدالة على ايقاعهما جالسا قبل أن يتلكم وأنهما بعد السلام وقبل الكلام (1).
وأورد عليه بأن غاية ما تدل عليه كون ايقاعهما قبل الكلام ولا تلازم بينه وبين الفورية.
أقول: لا يخفى أنه وإن كان هذا الوجه لا يصلح دليلا إلا أن اشعاره بالفورية ظاهر، فإن المتبادر - من كونه بعد السلام وقبل الكلام كما اشتمل عليه بعض الأخبار مع حمل البعدية على البعدية القريبة كما هو المتبادر من الاطلاق - هو الفورية به وظاهر الشهيد في الألفية جعل الفورية مستحبة فيهما حيث قال: ولا يجب فعلهما في الوقت ولا قبل الكلام والأولى وجوبه. قال شيخنا الشهيد الثاني في الشرح: لورود أخبار كثيرة وفيها اشعار بالفورية، ولما كانت الأخبار ليست سليمة من الطعن لم يكن التزام مدلولها متعينا بل أولى. ثم نقل القول بالفورية عن الذكرى. وظاهر كلامه (قدس سره) أن سبب العدول إلى استحباب الفورية