قال المحقق المذكور بعد أن ذكر أولا أن خبر الواحد يفيد العلم مع انضمام القرائن إليه واحتجاجه بما ذكره من الحجج عليه، ثم ذكر أن ما عرى من خبر الواحد عن القرائن المفيدة للعلم يجوز التعبد به عقلا، وهل هو واقع أو لا؟
خلاف بين الأصحاب، فذهب جمع من المتقدمين كالمرتضى وابن زهرة وابن البراج وابن إدريس إلى الثاني وصار جمهور المتأخرين إلى الأول وهو الأقرب، ثم استدل على ذلك بوجوه ثم ذكر الأول والثاني ثم قال ما صورته: الثالث - اطباق قدماء الأصحاب الذين عاصروا الأئمة (عليهم السلام) وأخذوا منهم أو قاربوا عصرهم على رواية أخبار الآحاد وتدوينها والاعتناء بحال الرواة والتفحص عن المقبول والمردود والبحث عن الثقة والضعيف واشتهار ذلك بينهم في كل عصر من تلك الأعصار وفي زمان إمام بعد إمام ولم ينقل عن أحد منهم انكار لذلك أو مصير إلى خلافه ولا روي عن الأئمة (عليهم السلام) حديث يضاده مع كثرة الروايات عنهم في فنون الأحكام، قال العلامة في النهاية: أما الإمامية فالأخباريون منهم لم يعولوا في أصول الدين وفروعه إلا على أخبار الآحاد المروية عن الأئمة (عليهم السلام) والأصوليون منهم كأبي جعفر الطوسي وغيره وافقوا على قبول الخبر الواحد في الفروع ولم ينكره أحد سوى المرتضى وأتباعه لشبهة حصلت لهم. وحكى المحقق عن الشيخ سلوك هذا الطريق في الاحتجاج للعمل بأخبارنا المروية عن الأئمة (عليهم السلام) مقتصرا عليه فادعى الاجماع على ذلك وذكر أن قديم الأصحاب وحديثهم إذا طولبوا بصحة ما أفتى به المفتي منهم عولوا على المنقول في أصولهم المعتمدة وكتبهم المدونة فيسلم له خصمه منهم الدعوى في ذلك، وهذه سجيتهم من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى زمن الأئمة (عليهم السلام) فلولا أن العمل بهذه الأخبار جائز لأنكروه وتبرأوا من العامل به. وموافقونا من أهل الخلاف احتجوا بمثل هذه الطريقة أيضا فقالوا إن الصحابة والتابعين أجمعوا على ذلك بدليل ما نقل عنهم من الاستدلال بخبر الواحد وعملهم به في الوقائع المختلفة التي لا تكاد تحصى، وقد تكرر ذلك مرة بعد أخرى وشاع وذاع بينهم ولم ينكر عليهم أحد وإلا لنقل، وذلك يوجب العلم العادي