وقال شيخنا زين المحققين في الرسالة بعد نقل الآية ونعض ما قدمناه من الأخبار: فهذه الأخبار الصحيحة الطرق الواضحة الدلالة التي لا يشوبها شك ولا تحوم حولها شبهة من طرق أهل البيت (عليهم السلام) في الأمر بصلاة الجمعة والحث عليها وايجابها على كل مسلم عدا من استثنى والتوعد على تركها بالطبع على القلب الذي هو علامة الكفر والعياذ بالله كما تبه عليه في كتابه العزيز. وتركنا ذكر غيرها من الأخبار الموثقة وغيرها حسما لمادة النزاع ودفعا لشبهة المعارضة في الطريق، وليس في هذه الأخبار مع كثرتها تعرض لشرط الإمام ولا من نصبه ولا لاعتبار حضوره في ايجاب هذه الفريضة المعظمة، فكيف يسع المسلم الذي يخاف الله تعالى إذا سمع مواقع أمر الله ورسوله وأئمته (عليهم السلام) بهذه الفريضة وايجابها على كل مسلم أن يقصر في أمرها ويهملها إلى غيرها ويتعلل بخلاف بعض العلماء فيها؟ وأمر الله ورسوله وخاصته (عليهم السلام) أحق ومراعاته أولى " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " (1) ولعمري لقد أصابهم الأمر الأول فليرتقبوا الثاني إن لم يعف الله ويسامح نسأل الله العفو والرحمة.
وقد تحصل بهذين الدليلين أن من كان مؤمنا فقد خل تحت نداء الله وأمره في الآية الكريمة بهذه الفريضة العظيمة ونهيه عن الانتهاء عنها، ومن كان مسلما فقد دخل تحت قول النبي صلى الله عليه وآله وقول الأئمة (عليهم السلام) أنها واجبة على كل مسلم، ومن كان عاقلا فقد دخل تحت تهديد قوله تعالى " ومن يفعل ذلك - يعني الانتهاء عنها - فأولئك هم الخاسرون " (2) وقولهم (عليهم السلام) " من تركها على ذلك الوجه طبع الله على قلبه " لأن من موضوعه لمن يعقل إن لم تكن أعم، فاختر لنفسك واحدة من هذه الثلاث وانتسب إلى اسم من هذه الأسماء أعني الايمان أو الاسلام أو العقل وادخل تحت مقتضاه أو اختر قسما رابعا إن شئت. نعوذ بالله من قبح الزلة وسنة الغفلة (3).