الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ٩ - الصفحة ٤١٧
وقال شيخنا زين المحققين في الرسالة بعد نقل الآية ونعض ما قدمناه من الأخبار: فهذه الأخبار الصحيحة الطرق الواضحة الدلالة التي لا يشوبها شك ولا تحوم حولها شبهة من طرق أهل البيت (عليهم السلام) في الأمر بصلاة الجمعة والحث عليها وايجابها على كل مسلم عدا من استثنى والتوعد على تركها بالطبع على القلب الذي هو علامة الكفر والعياذ بالله كما تبه عليه في كتابه العزيز. وتركنا ذكر غيرها من الأخبار الموثقة وغيرها حسما لمادة النزاع ودفعا لشبهة المعارضة في الطريق، وليس في هذه الأخبار مع كثرتها تعرض لشرط الإمام ولا من نصبه ولا لاعتبار حضوره في ايجاب هذه الفريضة المعظمة، فكيف يسع المسلم الذي يخاف الله تعالى إذا سمع مواقع أمر الله ورسوله وأئمته (عليهم السلام) بهذه الفريضة وايجابها على كل مسلم أن يقصر في أمرها ويهملها إلى غيرها ويتعلل بخلاف بعض العلماء فيها؟ وأمر الله ورسوله وخاصته (عليهم السلام) أحق ومراعاته أولى " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " (1) ولعمري لقد أصابهم الأمر الأول فليرتقبوا الثاني إن لم يعف الله ويسامح نسأل الله العفو والرحمة.
وقد تحصل بهذين الدليلين أن من كان مؤمنا فقد خل تحت نداء الله وأمره في الآية الكريمة بهذه الفريضة العظيمة ونهيه عن الانتهاء عنها، ومن كان مسلما فقد دخل تحت قول النبي صلى الله عليه وآله وقول الأئمة (عليهم السلام) أنها واجبة على كل مسلم، ومن كان عاقلا فقد دخل تحت تهديد قوله تعالى " ومن يفعل ذلك - يعني الانتهاء عنها - فأولئك هم الخاسرون " (2) وقولهم (عليهم السلام) " من تركها على ذلك الوجه طبع الله على قلبه " لأن من موضوعه لمن يعقل إن لم تكن أعم، فاختر لنفسك واحدة من هذه الثلاث وانتسب إلى اسم من هذه الأسماء أعني الايمان أو الاسلام أو العقل وادخل تحت مقتضاه أو اختر قسما رابعا إن شئت. نعوذ بالله من قبح الزلة وسنة الغفلة (3).

(١) سورة النور الآية ٦٣ (٢) سورة المنافقين الآية ٩ (٣) ارجع إلى التعليقة ٥ ص ٣٨٦ ففيها ما يتعلق بالمقام. وقال الوحيد البهبهاني (قدس سره) في تعليقته على المدارك تعليقا على نقل المصنف عبارة رسالة جده: في هذه الرسالة ما لا يرضى المتأمل أن ينسب إلى جاهل فضلا عن العاقل فضلا عن الفقيه فضلا عن الشهيد (قدس سره) فإنه ما كان يرضى أن ينسب الفسق إلى المجاهر بالفسق فكيف يحكم بفسق علمائنا وفقهائنا العظام الزهاد الكرام الثقاة العدول بلا كلام، أمناء الله في الحلال والحرام والمروجين لحلالهم وحرامهم وحجج الله على الأنام بعد الأئمة، المتكفلين لأيتامهم والمؤسسين لشرعهم وأحكامهم، وعليهم المدار في الدين والمذهب في الأعصار والأمصار، الراد عليهم كالراد على الله، إلى غير ذلك مما ورد عن الله تعالى ورسوله (ص) والأئمة (عليهم السلام) حيث قال بعد التوبيخ والتقريع والتشنيع والتفظيع: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره... " مع أن الجماعة الذين كانوا تاركين أكثرهم كان تركهم من جهة التقية ومنهم الشهيد الثاني ومن كان متمكنا منها أكثرهم كانوا يصلونها لكونها واجبة عندهم وإن كان بالوجوب التخييري ومستحبة عندنا عينا، ومن لا يصلي أما لأنه كانا يعتقد الحرمة فكيف يمكنه فعل الحرام وكيف يتأتى منه قصد القربة؟ فما ندري أن الشنيعة على أي جماعة وأي شخص؟... إلى أن قال: وقيل إنه كتبها في الطفولية وصغر السن. وحاشاه ثم حاشاه من هذه الشنائع والقبائح كيف وهو في جميع تأليفاته المعلومة أنها منه اختار عدم الوجوب العيني... إلى آخر كلامه وقد أطنب فيه ومن أراد الاطلاع عليه فليراجعه.
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست