إذا عرفت ذلك فاعلم أن الدليل على هذا القول المختار منحصر في الآية والأخبار وهما الثقلان المأمور بالتمسك بهما من النبي المختار صلى الله عليه وآله اللذان من أخذ بهما نجى من أهوال المبدأ والمال ومن تنكب عنهما وقع في تيه الضلال.
والكلام هنا يقع في مقامين (المقام الأول) الآية الشريفة أعني قوله عز وجل: " يا أيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " (1) والتقريب فيها اتفاق المفسرين على أن المراد بالذكر في الآية صلاة الجمعة أو خطبتها أو هما معا، نقل ذلك غير واحد من العلماء، والأمر للوجوب على ما تحقق في الأصول، وقد قدمنا في مقدمات الكتاب ما يدل على ذلك من الآيات القرآنية والأخبار المعصومية، فلا حاجة إلى الأدلة الأصولية القابلة للبحث والنزاع، ولا سيما الأوامر القرآنية فإن الخلاف بينهم إنما هو في أوامر السنة كما تقدم ذكره في المقدمات المشار إليها. وسياق الآية ظاهر في إرادة الصلاة أو ما يشمل الخطبة فكأنه قال: " إذا نودي للصلاة فاسعوا إليها " وسماها ذكرا تنويها بشأنها، وبه أيضا ينادي قوله تعالى " فإذا قضيت الصلاة " ويعضد ذلك ما رواه في الكافي عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام (2) قال: " قلت له قول الله عز وجل: فاسعوا إلى ذكر الله؟ قال اعملوا وعجلوا فإنه يوم مضيق على المسلمين فيه وثواب أعمال المسلمين فيه على قدر ما ضيق عليهم والحسنة والسيئة تضاعف فيه. قال وقال أبو جعفر عليه السلام والله لقد بلغني أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس لأنه يوم مضيق على المسلمين ".
أقول: الظاهر أن المراد من الخبر المذكور أنه حيث كان وقت صلاة الجمعة مضيقا بساعة زوال الشمس - كما ستأتيك الأخبار به إن شاء الله تعالى في المقام - لا اتساع فيه كغيره من أوقات الصلاة في سائر الأيام وقع الحث على تقطيع العلائق وإزالة