لصدق الكثرة وأنه لا خصوصية له بثلاث دون ثلاث بل في كل ثلاث تحقق تتحقق كثرة السهو فتزول بواحدة واثنتين أيضا ويتحقق حكمها في المرتبة الثالثة فيكون تحديد التحقق وزوال حكم الشك معا، فتأمل أنه قريب. انتهى كلامه (علا مقامه) والظاهر أنه لا يخلو من البعد من لفظ الخبر.
وأما المعنى الثاني فالظاهر أنه الأقرب إلى لفظ الخبر وهو أن يسهو في كل ثلاث صلوات متواليات سهوا واحدا ولا تكون ثلاث صلوات متواليات خالية من السهو، كأن يسهو مثلا في الصبح ثم في المغرب ثم في الظهر وهكذا، فهو إنما يفيد تحديد انقطاع كثرة السهو بخلو ثلاث فرائض متواليات من السهو فيها لا تحديد حصول الكثرة، فإن مقتضى لفظ " كل " هو الدوام، فإن جعل ذلك باعتبار الاستمرار إلى آخر عمره لزم أن لا يعلم كونه كثير السهو إلا بعد موته، وإن جعل باعتبار اليوم والليلة أو الأسبوع أو الشهر فلا دلالة للخبر على شئ من ذلك، مع أنه لا تتعدد الثلاث في اليوم والليلة وظاهر الخبر كون ذلك في زمان تتعدد فيه الثلاث، فلا بد من الخروج عن ظاهر لفظ الخبر والرجوع إلى العرف بمعنى أنه تكررت تلك الحال منه بحيث يقال في العرف أنه ليس له ثلاث صلوات خالية من الشك، فيصير الخبر من هذه الجهة خاليا من الفائدة إذ ظاهر سياقه إنما هو لبيان حكم الانقطاع فقط ففي حصول الكثرة يرجع إلى العرف وفي انقطاعها إلى خلو ثلاث صلوات متوالية عن السهو.
ثم أقول: لا يخفى أنه لما كان من القواعد المقررة في كلامهم أنه مع عدم وجود الحقيقة الشرعية أو العرفية الخاصة فإنه يجب حمل اللفظ على الحقيقة اللغوية أو العرفية حيث كانت الحقيقة اللغوية أو العرفية، وحيث كانت الحقيقة اللغوية هنا غير معلومة حملوا لفظ الكثرة على العرف والعادة.
قال شيخنا الشهيد الثاني في الروض: والمرجع في الكثرة إلى العرف لعدم تقديرها شرعا، وقيل تتحقق بالسهو في ثلاث فرائض متوالية أو في فريضة واحدة