التحقيق والتأمل بالفهم الصائب الدقيق لا تجد فرقا بين سائر الواجبات وبين هذه الواجبات التي سموها أركانا في أن زيادتها أو نقصانها في بعض المواضع قد يكون موجبا لبطلان الصلاة وقد لا يكون، وحينئذ فالواجب الرجوع في كل جزئي جزئي وفرد فرد من الأحكام إلى النصوص وما دلت عليه من صحة أو ابطال في ركن كان أو واجب، ولا وجه لهذه الكلية التي زعموها قاعدة ثم استثنوا منها ما ستعرفه ولقائل أن يجري مثل ذلك في مطلق الواجب أيضا ويجعل ما دلت النصوص على صحة الصلاة مع زيادته أو نقصانه عمدا أو سهوا مستثنى.
وبالحملة ما ذكروه من هذه القاعدة فإني لا أعرف له وجها وجيها لما عرفت مضافا إلى اختلافهم في بعض تلك الأركان كما سلف في الفصول المتقدمة كاختلافهم في الركن القيامي والركن السجودي.
ثم إن الأصحاب (رضوان الله عليهم) بناء على ما ذكروه من هذه القاعدة استثنوا من ذلك مواضع أشار إليها شيخنا الشهيد الثاني في الروض:
فمن المستثنى من قاعدة البطلان بزيادة الركن عمدا النية فإن زيادتها غير مبطلة مع عدم التلفظ بها لأن الاستدامة الفعلية أقوى من الحكمية.
ومما يستثنى أيضا من بطلان الصلاة بالسهو عن الركن مواضع: (الأول) النية أيضا فإن زيادتها سهوا غير مبطلة بطريق أولى.
أقول: وعد النية في هذين الموضعين بناء على النية المتعارفة في كلامهم التي هي عبارة عن التصوير الفكري والكلام النفسي، وأما على ما قدمنا تحقيقه فلا معنى لهذا الكلام.
(الثاني) - القيام إن قلنا إنه ركن كيف اتفق كما هو أحد الأقوال في المسألة وهو اختيار العلامة ولذا صرح بالاستثناء كما تقدم ذلك في فصل القيام، وأما على مذهب من يجعله قياما خاصا كالقيام المقارن للركوع مثلا فلا استثناء.
(الثالث) - الركوع كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب صلاة الجماعة الحكم