الأمر المطلق وما لا يدل عليه دليل صالح تبقى دلالة هذه الآية الكريمة على أصل الوجوب ثابتة مطلقا. انتهى.
أقول: والتحقيق أن هذه المناقشات في هذه الآية إنما حمل عليها التعصب للقول المشهور وإلا فأي آية من الآيات التي استدلوا بها في الحكام بل والأخبار أيضا لا يتطرق إليها أمثال ذلك من الاحتمالات البعيدة والتمحلات السخيفة العديدة؟
ولو قامت هذه الاحتمالات في مقابلة الظواهر لا نسد باب الاستدلال إذ لا قول إلا وللقائل فيه مجال، فكيف تقوم الحجة لهم على مخالفيهم في الإمامة بل وأصحاب الملل والأديان إذا قابلوهم بالاحتمالات في ما يستدلون به من الآيات والأخبار ونحوها؟ مع أن الناظر المنصف إذا تأمل الآية المذكورة وما قرنت به في هذه السورة من أولها إلى آخرها لا تخفى عليه دلالة الآية على ما قلناه، وهل المناقش بهذه المناقشات الواهية إلا متعرض للرد على الله ورسوله صلى الله عليه وآله؟ إذ من المعلوم ضرورة من الدين وجوب هذه الفريضة المعظمة ولو في الجملة، ومن المعلوم بين الخاصة والعامة أن هذه الآية إنما نزلت في الأمر بها والحث عليها منه تعالى، والراد لدلالة الآية راد عليه تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وآله كما لا يخفى (1) ومن أراد الاطلاع على ما في السورة المذكورة من الايماء والإشارة إلى ما ذكرنا فليرجع إلى ما فصله شيخنا غواص بحار الأنوار (نور الله مرقده) في الكتاب المذكور.
ثم إن مما يؤيد هذه الآية أيضا قوله عز وجل " لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله " (2) حيث فسر الذكر هنا أيضا بصلاة الجمعة كما نقله جمع من الأصحاب، وقوله عز وجل " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " (3) حيث إن الذي عليه المحققون أن الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر في غير يوم الجمعة وفي يوم الجمعة هي صلاة الجمعة لا غير، وقد مر تحقيق ذلك في مقدمات هذا الكتاب في شرح صحيحة