ويأتي بما تيقنه أو ظنه، وإذا استمر شكه فهو شاك في هذا الوقت بين الاثنتين والثلاث والأربع. وكذا الكلام لو شك في أن شكه كان في التشهد أو في السجدة قبل تجاوز المحل أو بعده. وبالجملة الركون إلى تلك العبارة المجملة وترك القواعد المقررة المفصلة لا يخلو من إشكال. انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول: ما فصله (قدس سره) من التحقيق جيد رشيق لكنه من مفهوم العبارة بمحل سحيق، فإنه لا يخفى أن الشك في الشئ يقتضي تقدم زمان المشكوك فيه بمعنى أنه لا يدري الآن أن هذا الفعل المشكوك فيه وقع في الزمان المتقدم أم لا غاية الأمر أنه بالنسبة إلى الشك في الأفعال قد يكون القوت الذي حصل فيه الشك مما يمكن التدارك فيه بأن لم يدخل في فعل آخر وقد يكون مما لا يمكن التدارك فيه لدخوله في شئ آخر، فمعنى قوله: " إنه شك بين الثنتين والثلاث " أنه لا يدري الآن هل صلى قبل هذه الحالة التي عرض فيها الشك ثنتين أو ثلاثا؟ وكذا لو شك في التشهد والسجود بمعنى أنه الآن لا يدري أنه قد حصل منه سباقا سجود أو تشهد مثلا، هكذا في هذه العبارة أيضا بعين ما ذكرنا، ففرضه اجتماع الشكين مما لا وجه له في البين. وهذا المعنى هو الذي رتب عليه الفقهاء الحكم بعدم الالتفات ثم إن ظاهر عبائر الأصحاب (رضوان الله عليهم) هو كون المشكوك فيه الشك بقول مطلق لا شك مقيد بكونه في سجدة أو تشهد أو بين الركعات أو نحو ذلك حتى يلزم فيه هذا التفصيل، فإنه لا ريب أنه يجب فيه لو كان كذلك ما رتبه من الأحكام ولا أظن أحدا من الفقهاء يتجشم الخروج عن هذه الأحكام الظاهرة المتفق عليها بينهم نصا وفتوى بمثل هذا اللفظ المجمل كما ظنه (قدس سره) بل ظاهر عبائرهم إنما هو ما قلناه من الشك المطلق، ولهذا اتفقوا على عدم الالتفات إليه بقول مطلق، وكلامهم هنا إنما هو مجرد فرض احتملوه في ظاهر هذا اللفظ وأسقطوه لعدم ترتب حكم شرعي عليه بالكلية. والله العالم.
(الثانية) - الشك في موجب الشك بفتح الجيم بمعنى أنه شك في ما أوجبه