والنسيان وأن الجبران والاتمام رخصة وتسهيل وأن الله تعالى يحب أن يؤخذ برخصه. انتهى.
أقول: لا يخفى أن ظاهر كلامه أن الحكم الشرعي بالنسبة إلى العالم بالمسألة وأن من ترك ركعة ساهيا فإنه يأتي بها ما لم يتخلل أحد المبطلات إنما هو الإعادة من رأس وأن الاتمام بالاتيان بتلك الركعة إنما هو رخصة. والظاهر بعده والإعادة في هذه الأخبار إنما وقعت من حيث الجهل بحكم المسألة وإلا فحكمها إنما هو الاتمام بما نقصه، وهذا هو الحكم الشرعي فيها لا أنه رخصة، ولكن أولئك لجهلهم بحكم المسألة لم يجدوا بدا من الإعادة من رأس ولهذا إن الإمام أنكر عليهم الإعادة، فقال في الخبر الأول " ولم أعدتم؟ " ونحوه في الخبرين الآخرين، غاية الأمر أنه مع إعادة الصلاة من رأس وابطال الأولى لا يمكن الحكم ببطلان ما أتى به من الصلاة المعادة. على أنك قد عرفت مما تقدم في غير موضع سيما في مقدمات كتاب الطهارة أنه مع الجهل بالحكم الشرعي فالواجب في العمل هو الأخذ بالاحتياط وهو يتأتى بالإعادة البتة كما لا يخفى، وإنما يبقى الكلام في ابطاله الأولى وتركه الاتمام لها وهذا مغتفر له لموضع الجهل. وأما قوله (عليه السلام) في صحيحة علي بن النعمان: " أنت كنت أصوب منهم فعلا " فهو محمول على أن أفعل التفضيل بمعنى أصل الفعل كما هو شائع في الكلام فلا يدل على أن ما فعلوه كان صوابا إلا أن يخص من حيث الجهل كما أشرنا إليه. وبالجملة فإن مظهر الخلاف بين ما ذكرناه وبين ما ذكره إنما هو في المتعمد العالم بأن الحكم هو الاتمام هل يسوغ له ترك الاتمام والانتقال إلى الإعادة أم لا؟
ومقتضى كلامه المذكور الأول ومقتضى ما ذكرناه هو الثاني لأن غاية ما دلت عليه الأخبار المذكورة وقوع الإعادة جهلا.
الثانية - أن يذكر النقصان بعد فعل المنافي عمدا لا سهوا كالكلام، والمشهور عدم وجوب الإعادة، وقال الشيخ في النهاية تجب عليه الإعادة وهو منقول عن أبي الصلاح الحلبي، ونقل في المبسوط قولا عن بعض أصحابنا بوجوب الإعادة في