ولا يخفى أن تكرر كلامه عليه السلام ومقابلته عدم الأخذ عنهم عليهم السلام بالرأي والهوى والمقاييس مما يشير إلى أن الاستناد إلى هذا الاجماع من جملة الهوى والرأي حيث إنه لما لم يكن مستندا إليهم (عليهم السلام) حيث لم يأمروا به ولم يشيروا إليه بالكلية فهو إنما استند إلى رأي ذلك القائل به وهواه، ولهذا إن أصحابنا لما اقتفوهم في جعله من مدارك الأحكام الشرعية عدلوا عن معناه عند العامة بأنه عبارة عن اجماع الناس إلى اعتبار دخول المعصوم عليه السلام فيه وكشفه عن دخوله وأن الحجة في ذلك إنما هو قول المعصوم عليه السلام.
على أن التحقيق أن الذين هم الأصل في الاجماع كالشيخ والمرتضى قد كفونا مؤنة القدح فيه وبيان بطلانه بما وقع لهم من دعوى الاجماعات المتناقضة تارة ودعوى الاجماع على ما تفرد به أحدهما تارة أو تبعه عليه شذوذ من أصحابه كما لا يخفى على المطلع على أقوالهم، وقد وقفت على رسالة لشيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) قد عد فيها الاجماعات التي ناقض الشيخ فيها نفسه في مسألة واحدة انتهى عددها إلى نيف وسبعين مسألة، قال (قدس سره) فيها: أفردناها للتنبيه عن أن لا يغتر الفقيه بدعوى الاجماع فقد وقع فيه الخطأ والمجازفة كثيرا من كل واحد من الفقهاء سيما من الشيخ والمرتضى، قال ومما ادعى الاجماع من كتاب النكاح دعواه في الخلاف...
ثم ساق الكلام في تعداد تلك المسائل إلى آخرها بما يقرب مما ذكرنا.
قال شيخنا زين الملة والدين في رسالته التي في هذه المسألة: الاجماع عند أصحابنا إنما هو حجة بواسطة دخول قول المعصوم عليه السلام في جملة أقوال القائلين والعبرة عندهم إنما هي بقوله دون قولهم، وقد اعترفوا بأن قولهم " الاجماع حجة " إنما هو مشي مع المخالف حيث إنه كلا حق في نفسه وإن كان حيثية الحجية مختلفة عندنا وعندهم على ما هو محقق في محله، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من العلم بدخول قول المعصوم عليه السلام في جملة أقوالهم حتى يتحقق حجية قولهم ومن أين لهم العلم في أمثال هذه المواضع مع عدم وقوفهم على خبره فضلا عن قوله عليه السلام؟ وأما