يعلم فإن ظن ولو بمعاضدة خبر واحد يحكي فعله أو قوله أو تقريره فكذلك وإلا فليس نقل الاجماع بمجرده موجبا للظن بدخول المعصوم ولا كاشفا عنه كما زعموه. ثم إن العلم بدخول المعصوم في زمان ظهوره وانحصار حملة الحديث في قوم معروفين أو بلدة محصورة ممكن أما في مثل زماننا هذا كزمان الغيبة الكبرى فالحق أنه لا طريق إلى العلم به - لأنه إنما يكون بطريق التواتر بأن ينقله في كل طبقة جماعة يؤمن تواطؤهم على الكذب مستندون إلى الحس بمعاينة أعمال جميع من يتوقف انعقاد الاجماع عليه أو سماع أقوالهم على وجه لا يمكن حمل القول والعمل على نوع من التقية ونحوها مع تشتتهم وانتشارهم في أقطار الأرض وانزوائهم في الطوامير والسراديب وحرصهم على أن لا يطلع عليهم ولا على عقائدهم ومذاهبهم وهو كما لا يخفى ممتنع عادة - ولا إلى ظنه بنقله بطريق الآحاد لما ذكرنا من التشتت والانزواء المانعين من اطلاع آحاد الناس.
وقال المحقق الشيخ حسن (قدس سره) في المعالم - بعد أن أسلف أنه يتجه أن يقال إن المدار في الحجية على العلم بدخول المعصوم عليه السلام من غير حاجة إلى اشتراط اتفاق جميع المجتهدين أو أكثرهم ولا سيما معروفي النسب، ونقل عن المحقق في المعتبر ما تقدم نقله في كلام والده مما يتضمن التصريح باشتراط العلم القطعي بدخول المعصوم عليه السلام في حجية الاجماع - ما هذا لفظه: هنا فوائد (الأولى) الحق امتناع الاطلاع عادة على حصول الاجماع في زماننا وما ضاهاه من غير جهة النقل، إذ لا سبيل إلى العلم بقول الإمام كيف وهو موقوف على وجود المجتهدين المجهولين ليدخل في جملتهم ويكون قوله مستورا بين أقوالهم وهذا مما يقطع بانتفائه، فكل اجماع يذكر في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) مما يقرب من عصر الشيخ إلى زماننا هذا وليس مستندا إلى نقل متواتر أو آحاد حيث يعتبر أو مع القرائن المفيدة للعلم فلا بد أن يراد به ما ذكره الشهيد (قدس سره) من الشهرة، وأما الزمان السابق على ما ذكرنا المقارب لعصر ظهور الأئمة (عليهم السلام) وامكان الاطلاع على أقوالهم فيمكن فيه