فجاءه آخر فقال السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال النبي (صلى الله عليه وآله) وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فقيل يا رسول الله زدت للأول والثاني في التحية ولم تزد للثالث فقال إنه لم يبق لي من التحية شيئا فرددت عليه مثله. انتهى كلامه زيد مقامه أقول: ومن الأخبار الواردة على العموم كما ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره ما رواه الصدوق في الخصال بسنده في حديث طويل عن أبي جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) (1) قال: " إذا عطس أحدكم فسمتوه قولوا يرحمكم الله ويقول هو يغفر الله لكم ويرحمكم قال الله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها " (2) وفي كتاب المناقب لابن شهرآشوب (3) " جاءت جارية للحسن (عليه السلام) بطاق ريحان فقال أنت حرة لوجه الله. فقيل له في ذلك فقال (عليه السلام) أدبنا الله تعالى فقال: " إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها " (4) وكان أحسن منها عتقها ".
ويؤيده ما رواه في الكافي عن الصادق (عليه السلام) في الصحيح (5) من أن رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام.
بقي هنا اشكال وهو أنه على تقدير العموم في الآية يلزم وجوب تعويض كل بر واحسان والظاهر أنه لا قائل به بل ربما دلت الأخبار على العدم، ويمكن حمل الآية على الرجحان المطلق الشامل للوجوب والاستحباب، وعلى هذا فالاستدلال بالآية المذكورة على وجوب الرد لا يخلو من الاشكال إلا أن يقال إن الواجب الحمل على مقتضى ظاهر الأمر وقيام الدليل الصارف في بعض الأفراد لا يستلزم القول بذلك في ما لا دليل عليه.