والاستحباب إنما هو في الاجتماع أو بمعنى أنها أفضل الأمرين الواجبين على التخيير ثم قال: وربما يقال بالوجوب المضيق حال الغيبة لأن قضية التعليلين ذلك فما الذي اقتضى سقوط الوجوب؟ إلا أن عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في سائر الأعصار والأمصار، ونقل الفاضل فيه الاجماع. وبالغ بعضهم فنفى الشرعية أصلا ورأسا وهو ظاهر كلام المرتضى وصريح سلار وابن إدريس وهو القول الثاني من القولين بناء على أن إذن الإمام شرط الصحة وهو مفقود... إلى أن قال: وهذا القول متوجه وإلا لزم الوجوب العيني. انتهى ملخصا.
وبالجملة فإنهم مصرحون بأن مقتضى الكتاب والسنة هو الوجوب العيني كما عرفت وإنما صرفهم عنه الاجماع حيث إنه أحد الأدلة الشرعية والجمع بينه وبين دليلي الكتاب والسنة يقتضي حمل الوجوب على الوجوب التخييري كما هو المشهور فيبقى الكلام معهم في هذا الاجماع وحجيته وقد عرفت مما حققناه آنفا ما يبطل التمسك به والاعتماد عليه.
ونزيده تأكيدا (أولا) - أنه لا ريب أن هؤلاء المتأخرين إنما تلقوا هذا الاجماع من الشيخ والمرتضى اللذين هما أصل الخلاف في هذه المسألة، وقد قدمنا لك ما في دعاويهم الاجماع في غير مقام من المجازفة والمساهلة سيما ما عدده شيخنا الشهيد الثاني في رسالته التي قدمنا ذكرها، وحينئذ فهل يثق أحد ممن وقف على ذلك بالركون إلى هذا الاجماع والخروج به عن صريح قول الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله الصريحين في الوجوب العيني بمزيد التأكيد والتشديد؟ ما هذه إلا جرأة تامة على الله ورسوله وأئمته صلى الله عليه وآله. والتستر بأن الاجماع المنقول بخبر الواحد مقبول لا يخفى ما فيه بعد ما عرفت.
و (ثانيا) - أنه مع تسليم قبوله فهو لا يخرج عن أن يكون من قبيل خبر مرسل في الباب وهو مما لا يعارض به تلك الأدلة الصحيحة الصريحة من السنة والكتاب، وتخصيصها به متوقف على كونه في الصحة والصراحة مثلها ليجب الجمع بينه وبينها