على الوجوب العيني كالشيخ المفيد وثقة الاسلام والصدوق في كتبهم المتقدم ذكرها وغيرهم ما بين في ذلك وظاهر، والظاهر أن جملة المتقدمين وإن لم يبلغ إلينا كلامهم كانوا كذلك فإن هذا القول الذي ادعاه إنما ثبت عن الشيخ والمرتضى ومن تأخر عنهما وإلا فمن تقدمهما لم يصرح بشئ من ذلك، ويوضح صحة ما قلناه إن جملة المتقدمين كانوا من أرباب النصوص الذين لا يعولون إلا عليها بالخصوص وليس لهذا الاجماع في هذه المسألة ولا في غيرها في كلامهم عين ولا أثر، وكتبهم التي تشتمل على مذاهبهم إنما تضمنت النصوص خاصة وفتاويهم فيها يعلم من تبويب الأبواب للنصوص التي ينقلونها كما عرفت من الصدوق وثقة الاسلام، ونصوص هذه المسألة كما عرفت كلها دالة على الوجوب العيني، ولعله لما ذكرنا نقل جملة من متأخري أصحابنا المتأخرين القائلين بالوجوب العيني عن القدماء هذا القول مع أنه لم يوجد مصرح منهم بذلك إلا من قدمنا نقله عنه من المشايخ المتقدم ذكرهم وما ذكرناه واضح في صحة نسبة القول إليهم بذلك. وبالجملة فدعوى شيخنا المشار إليه اتفاق الطائفة على ما ذكره دعوى عارية عن البرهان يكذبها صريح العيان (1).
قال المحدث الكاشاني في كتاب الوافي - بعد نقل أخبار المسألة المذكورة في الكتب الأربعة - ما لفظه: لا يخفى دلالة هذه الأخبار المستفيضة على وجوب صلاة الجمعة على كل مسلم عدا من استثنى من غير شرط سوى ما ذكر كوجوب سائر الصلوات اليومية وجوب حتم وتعيين من غير تخيير في تركها ولا توقف على حضور معصوم أو إذن منه (صلوات الله عليه) وذلك لأنه ليس في شئ منها ذكر لشئ من ذلك وأوامر الشارع إنما تكون شاملة للأزمان والأشخاص إلا ما خرج بدليل خاص، فما زعمته طائفة من متأخري أصحابنا من التخيير في هذه الصلاة في زمن غيبة الإمام أو عدم جواز فعلها حينئذ أو عدم جوازه مطلقا من دون إذن منه فلا وجه له ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة (2).