تحقق الأذان ويلزم بنه الإيجاب مطلقا، مع أنا قد قدمنا أن الظاهر أن المواد دخول وقت النداء. واعترض عليه بوجوه سخيفة أخرى الاعراض عنها أحرى وبعضها يتضمن الاعتراض على الله تعالى، إذ لا يتريب متتبع في أن الآية إنما نزلت لوجوب صلاة الجمعة والحث عليها فقصورها عن إفادة المرام يؤول إلى الاعتراض على الملك العلام، ويظهر الجواب عن بعضها مما قررناه سابقا في تفسير الآيات. ثم إن أمثال تلك الاعتراضات إنما يحسن ممن لم يستدل في عمره بآية ولا خبر في حكم من الأحكام وأما من كان دأبه الاستدلال بالظواهر والايهامات على الأحكام الغريبة لا يليق به تلك المناقشات وهل توجد آية أو خبر لا يمكن المناقشة في الاستدلال به بأمثال ذلك؟ ومن العجب أنهم يقولون ورد في الخبر أن الذكر رسول الله صلى الله عليه وآله فيمكن أن يكون المراد به هنا السعي إليه صلى الله عليه وآله ولا يعرفون أن الأخبار الواردة في تأويل الآيات وبطونها لا تنافي الاستدلال بظواهرها، فقد ورد في كثير من الأخبار أن الصلاة رجل والزكاة رجل وأن العدل رسول الله صلى الله عليه وآله والاحسان أمير المؤمنين عليه السلام والفحشاء والمنكر والبغي الثلاثة، وأمثال ذلك أكثر من أن يحصى، وشئ منها لا ينافي العمل بظواهرها والاستدلال بها، وقد حققنا معانيها وأشبعنا الكلام فيها في تضاعيف هذا الكتاب والله الموفق للصواب. انتهى كلامه (رفع مقامه) وهو جيد رشيق وسيأتي في كلامنا إن شاء الله ما يؤيده من التحقيق.
الثالث - أن الخطاب إنما يتوجه إلى الموجودين عند المحققين ولا يشمل من سيوجد إلا بدليل من خارج وليس إلا الاجماع وهو لا يجري في موضع الخلاف.
والجواب أن التحقيق - كما ذكره غير واحد من المحققين - أن الخطاب يتوجه إلى المعدومين بتبعية الموجودين إذا كان في اللفظ ما يدل على العموم كهذه الآية وقد حقق في محله. والاجماع على عدم اختصاص الأحكام بزمانه صلى الله عليه وآله لم يتحقق على كل مسألة مسألة حتى يقال لا يجري في موضع الخلاف بل على هذا المفهوم الكلي مجملا وإلا فلا يمكن الاستدلال بالآيات والأخبار على شئ من المسائل الخلافية إذا ورد بلفظ