ما اشتهر بينهم - من أنه متى لم يعلم في المسألة مخالف أو علم مع معرفة أصل المخالف ونسبه يتحقق الاجماع ويكون حجة ويجعل قول الإمام في الجانب الذي لا ينحصر ونحو ذلك مما بينوه واعتمدوه - فهو قول مجانب للتحقيق جدا ضعيف المأخذ، ومن أين يعلم أن قوله عليه السلام وهو بهذه الحالة من جملة أقوال هذه الجماعة المخصوصة دون غيرهم من المسلمين خصوصا في هذه المسألة فإن قوله بالجانب الآخر أشبه وبه أولى لموافقته لقول الله تعالى ورسوله والأئمة (صلوات الله عليهم) على ما قد عرفت.
ثم متى بلغ قول أهل الاستدلال من أصحابنا في عصر من الأعصار السالفة حدا لا ينحصر و لا يعلم به بلد القائل ولا نسبه وهم في جميع الأعصار محصورون منضبطون بالاشتهار والكتابة والتحرير لأحوالهم على وجه لا يتخالجه شك ولا تقع معه شبهة، ومجرد احتمال وجود واحد منهم مجهول الحال مغمور في جملة الناس مع بعده مشترك من الجانبين، فإن هذا إن أثر كان احتمال وجوده مع كل قائل ممكنا ومثل هذا لا يلتفت إليه أصلا ورأسا، وقد قال المحقق في المعتبر - ونعم ما قال - الاجماع حجة بانضمام المعصوم عليه السلام فلو خلا المائة من فقهائنا من قوله لما كان حجة ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما بل باعتبار قوله عليه السلام فلا تغتر إذا بمن يتحكم فيدعي الاجماع باتفاق الخمسة والعشرة من الأصحاب مع جهالة قول الباقين إلا مع العلم القطعي بدخول الإمام عليه السلام في الجملة. انتهى. ومن أين يحصل العلم القطعي بموافقة قوله عليه السلام لأقوال الأصحاب مع هذا الانقطاع المحض والمفارقة الكلية والجهل بما يقوله على الاطلاق من مدة تزيد عن ستمائة سنة. انتهى ما أردنا نقله من كلامه زيد في مقامه.
وقال في المسالك - في مسألة " ما لو أوصى له بأبيه فقبل الوصية " بعد الطعن في الاجماع - ما هذا لفظه: وبهذا يظهر جواز مخالفة الفقيه المتأخر لغيره من المتقدمين في كثير من المسائل التي ادعوا فيها الاجماع إذا قام عنده الدليل على ما يقتضي خلافهم وقد اتفق لهم ذلك كثيرا ولكن زلة المتقدم متسامحة بين الناس دون المتأخر.
وقال بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين: ومن جملة ما عد مدركا من المدارك الأصلية لفروع الأحكام ما يسمونه إجماعا المفسر عند العامة