ومما يستأنس به للحمل على التقية في هذه الأخبار أنها كلها إنما خرجت عن الكاظم (عليه السلام) ولا يخفى على المتتبع للسير والآثار والعارف بالقصص والأخبار اضطرام نار التقية في وقته (عليه السلام) زيادة على غيره من الأوقات وما وقع عليه (عليه السلام) وعلى شيعته من المخافات. ومما يومئ إلى ذلك التعبير بهذا اللفظ المجمل في جل تلك الأخبار، ولهذا تكاثرت الأخبار بالتقية بالنقل عنه (عليه السلام) بغير اسمه الشريف من العبد الصالح أو عبد صالح ونحو ذلك.
وبالجملة فالحمل على التقية عندي مما لا ريب فيه ولا شك يعتريه عملا بالقاعدة المنصوصة عن أهل العصمة (عليهم السلام) في عرض الأخبار عند اختلافها على مذهب العامة والأخذ بخلافه كما استفاضت به النصوص (1) ولكن أصحابنا (رضوان الله عليهم) لما ألغوا العمل بهذه القواعد فاتهم ما يترتب عليها من الفائدة ووقعوا في ما وقعوا فيه من مشكلات هذه الاشكالات وارتكاب التمحلات والتكلفات.
وأما ما نقل عن الشيخ علي بن بابويه في هذه المسألة - وقوله في الذكرى:
إنه لم يقف على مأخذه - فهو مأخوذ من كتاب الفقه الرضوي على نحو ما عرفت من الطريقة المعروفة والسجية المألوفة حيث قال (عليه السلام) (2): وإن شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاثا وذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها الرابعة فإذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها، وإن ذهب وهمك إلى الأقل فابن عليه وتشهد في كل ركعة ثم اسجد سجدتي السهو بعد التسليم، وإن اعتدل وهمك فأنت بالخيار إن شئت بنيت على الأقل وتشهدت في كل ركعة وإن شئت بنيت على الأكثر وعملت ما وصفناه لك. إنتهى وكيف كان فالظاهر أن الترجيح للقول المشهور المؤيد بالأخبار الموافقة لمقتضى الأصول المعتضدة بعمل الطائفة، وهذه الرواية لا تبلغ قوة