لكن الأخبار اختلفت في الاجمال والتصريح، والأصحاب قد حملوا مجملها على مفصلها كما هو القاعدة في أمثال ذلك.
وهؤلاء الأعلام باعتبار الروايات الدالة على جواز البناء على الأقل مطلقا ونسبتهم ذلك إلى الصدوق عمدوا إلى هذه الأخبار المجملة وألحقوها بتلك الروايات المطلقة. وأنت قد عرفت ما في أساسهم الذي بنوا عليه من الخراب والانهدام لوجوب حمل تلك الروايات على التقية وفساد ما نسبوه إلى الصدوق في هذا المقام ومتى بطل الأصل الذي بنوا عليه بطل ما فرعوه وجعلوه راجعا إليه.
هذا. وأما ما ذكره المحدث المذكور - وسجل به مما قدمنا نقله عنه وأن ما ذكره دقيقة لم يتفطن لها غيره - ففيه (أولا) - أن هذه الدقيقة إن أراد بها ما فهمه من الأخبار المجملة من حيث عدم التصريح بالفصل بين الصلاة الأصيلة وبين صلاة الاحتياط فقال فيها بالبناء على الأقل وجعلها ضابطة كلية وقابلها بالأخبار الصريحة في الفصل الدالة على البناء على الأكثر فجعلها ضابطة أخرى، ففيه أنه قد سبقه صاحب المدارك إلى ذلك بل الصدوق أيضا بزعمهم. نعم إن السيد قد وقف على مورد تلك الأخبار المجملة وهو قد جعل ذلك قاعدة كلية في جميع الشكوك اعتضادا بعموم تلك الأخبار المطلقة. وأنت قد عرفت أن تلك الأخبار التي هي أصل الشبهة الحاملة له على جعل ذلك ضابطة كلية إنما خرجت مخرج التقية. وأما هذه الأخبار المجملة في هذه الصور فيجب حمل إجمالها على الروايات المفصلة كما هي القاعدة الكلية.
و (ثانيا) - أن ما زعمه من نسبة التخيير في جميع الشكوك إلى الفقيه بناء على قوله: " وليست هذه الأخبار مختلفة وصاحب السهو بالخيار... الخ " وهو الذي أشار إليه في كلامه المتقدم بقوله " ويأتي كلامه فيه " فقد أوضحنا بطلانه بما لا مزيد عليه. والله العالم ورسوله وأولياؤه (عليهم السلام).