هذا المقام فإنها متفقة الدلالة على البناء على الأكثر في جميع الصور كما سنشرحه إن شاء الله تعالى. ويعضدها زيادة على ذلك إجماع الطائفة سلفا وخلفا على العمل بمضمونها إلا الشاذ النادر وهم إنما يتوهمون بخلاف المرتضى والصدوق وقد عرفت ما فيه.
و (ثانيها) - صراحة هذه الأخبار في المدعى وتطرق وجوه الاحتمالات إلى كثير من تلك الأخبار المخالفة كموثقة إسحاق بن عمار المشتملة على البناء على اليقين، فإنه من المحتمل قريبا أن المراد إنما هو البناء على ما يوجب اليقين أي يقين البراءة وذلك في البناء على الأكثر كما فصلته موثقة عمار الثانية، وقد عرفت من رواية قرب الإسناد المتقدمة اطلاق هذا اللفظ على هذا المعنى بحيث لا يحتمل غيره فلا يبعد إرادته هنا أيضا. ومثلها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (1) فإنها محتملة لما ذكرناه ويؤيده قوله فيها: " يأخذ بالجزم ويحتاط بالصلاة كلها " فإن الاحتياط وهو فعل ما يوجب براءة الذمة على جميع الوجوه والاحتمالات إنما يحصل بالحمل على ما قلناه وإلا فمع البناء على الأقل والاتمام لو ذكر تمام الصلاة أنه يلزم زيادة ما يوجب بطلانها فتجب الإعادة حينئذ. وبالجملة فإنه لو لم يكن ما ذكرناه في هاتين الروايتين هو الأظهر فلا أقل أن يكون مساويا وبه يسقط الاستدلال بهما. ونحوهما في ذلك أيضا رواية سهل بن اليسع الأولى. وأما صحيحة علي بن يقطين فهي معارضة بالأخبار الكثيرة الدالة على الابطال متى تعلق الشك بالأوليين المعتضدة باتفاق الأصحاب سلفا وخلفا على ذلك فلا تصلح للعمل عليها. وأما رواية سهل الثانية فهي معارضة بخصوص حسنة زرارة ورواية قرب الإسناد وعموم الروايات المتقدمة المعتضدة بعمل الطائفة.
و (ثالثها) - وهو المعتمد ما قدمنا ذكره آنفا من أن هذه الروايات إنما خرجت مخرج التقية لما عرفت من حديث مسلم المتقدم (2) وكلام البغوي في شرح السنة