بطلان الصلاة بفعل المنافي قبله وإن قلنا بوجوبه لما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم؟ قال تمت صلاته " وفي الصحيح عن زرارة أيضا عن أبي جعفر (عليه السلام) (2) " عن الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد؟ قال ينصرف فيتوضأ فإن شاء رجع إلى المسجد وإن شاء ففي بيته وإن شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته " انتهى.
أقول " قد عرفت في فصل التسليم أن المختار الذي تجتمع عليه الأخبار في مسألة التسليم هو القول بكونه واجبا خارجا وهذه الأخبار التي ذكرها ونحوها إنما خرجت بناء على هذا القول وإن لم يهتد إليه هو ولا غيره من جمهور الأصحاب وإلا فإنه متى كان التسليم واجبا داخلا كما هو المفروض في كلامه، فإنه يلزم أن يكون الحدث الواقع بعد التشهد وقبل التسليم واقعا في أثناء الصلاة كما ألزم به جده في ما قدمنا من كلامه، ولا يعقل هنا خصوصية لابطاله قبل التشهد ولا بعده قبل التسليم بناء على القول المذكور بل الحال في المقامين واحدة، إذا العلة الموجبة للابطال في الموضعين واحدة وهي وقوع الحدث في أثناء الصلاة.
والعجب كل العجب أنه (قدس سره) قد قال في مسألة التسليم في الاستدلال على استحبابه حيث إنه اختار ذلك ما لفظه: ويدل عليه أيضا أنه لو وجب التسليم لبطلت الصلاة بتخلل المنافي بينه وبين التشهد واللازم باطل فالملزوم مثله، أما الملازمة فاجماعية وأما بطلان اللازم فلما رواه زرارة في الصحيح، ثم ساق هذه الروايات المذكورة. وحينئذ فمتى كانت هذه اللازمة اجماعية بمقتضى كلامه هذا - وليست هذه الملازمة إلا عبارة عن أنه متى وجب التسليم لزم بطلان الصلاة بتخلل المنافي في الموضع المذكور - فكيف يقول هنا أن الأجود عدم بطلان الصلاة بفعل المنافي قبله وإن قلنا بوجوبه؟ ما هذا إلا تناقض ظاهر كما لا يخفى على كل ناظر