المتقدمة حيث قال: " إذا دخل وقت الذراع والذراعين بدأت بالفريضة " فإن ظاهر وقت الذراع يعني أول الذراع مع أن المراد إنما هو مضي الذراع كما هو صريح صدر الرواية، وقد وقع مثل ذلك في صدر صحيحة زرارة التي في صدر هذه الجملة حيث قال فيها " سألته عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس ووقت العصر ذراع من وقت الظهر " فإن المراد بعد ذراع كما تنادي به تتمة الرواية وقوله فيها " إن حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قامة فكان إذا مضي من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر.. الخبر ".
وروى في التهذيب عن عبد الله بن محمد (1) قال: " كتبت إليه جعلت فداك روى أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) أنهما قالا إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلا أن بين يديها سبحة إن شئت طولت وإن شئت قصرت.
وروى بعض مواليك عنهما أن الظهر على قدمين من الزوال ووقت العصر على أربعة أقدام من الزوال فإن صليت قبل ذلك لم يجزئك، وبعضهم يقول يجزئ ولكن الفضل في انتظار القدمين والأربعة أقدام، وقد أحببت جعلت فداك أن أعرف موضع الفضل في الوقت؟ فكتب (عليه السلام) القدمان والأربعة أقدام صواب جميعا ".
أقول: ظاهر هذه الرواية كما ترى أن جملة من معاصري الأئمة (عليهم السلام) قد فهموا الاختلاف بين روايات التقدير بالنافلة كما يأتي في المقام إن شاء الله تعالى وبين روايات التحديد بالأقدام والأذرع، ورجح بعضهم العمل بروايات الأقدام على روايات التحديد بالنافلة حتى بالغ بعضهم وأوجب تأخير الفريضة إلى مضي المقدار المذكور وحكم بعدم اجزائها قبله ولا ريب أن التأخير ظاهر منها كما سيتضح لك إن شاء الله تعالى. ثم إنه لا يخفى ما في الجواب من الاجمال وعدم الانطباق على السؤال وصاحبه أعرف بتحقيق الحال ولعله قد سقط شئ من البين وربما كان فيه اشعار وايماء إلى ترجيح العمل بروايات الأقدام.