بحث قواطع الصلاة وأن الالتفات من جملتها في أخبار تلك المسألة ما يظهر منه المنافاة وبه تصير المسألة في قالب الاشكال كما سنكشف لك إن شاء الله تعالى عن حقيقة الحال في البحث المشار إليه.
(الثاني) - المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا يتعدد الاجتهاد بتعدد الصلاة إلا إذا حصل شك في الاجتهاد الأول، ونقل في المدارك عن الشيخ في المبسوط أنه أوجب التجديد دائما لكل صلاة ما لم تحضره الأمارات، للسعي في إصابة الحق، ولأن الاجتهاد الثاني إن خالف الأول وجب المصير إليه لأن تغير الاجتهاد لا يكون إلا لأمارة أقوى من الأولى وأقوى الظنين أقرب إلى اليقين وإن وافقه تأكد الظن.
ثم قال في المدارك بعد نقل ذلك: وهو جيد إن احتمل تغير الأمارات.
أقول: لا يخفى أن ظاهر هذا النقل أن جميع ما اشتمل عليه من الدعوى والدليلين المذكورين عين كلام الشيخ في المبسوط مع أنه ليس كذلك كما لا يخفى على من راجع الكتاب المذكور، وهذه صورة عبارة الكتاب: يجب على الانسان أن يتتبع أمارات القبلة كلما أراد الصلاة عند كل صلاة، اللهم إلا أن يكون قد علم أن القبلة في جهة بعينها أو ظن ذلك بأمارات صحيحة ثم علم أنها لم تتغير جاز حينئذ التوجه إليها من غير أن يجدد اجتهاده في طلب الأمارات. انتهى. وأنت خبير بما بين الكلامين من المباينة لفظا ومعنى، أما لفظا فظاهر، وأما معنى فلأن مرجع هذا الكلام إلى أن التجديد مخصوص بصورة احتمال تغير الأمارات لا مطلقا كما هو ظاهر النقل المذكور، فلو علم أنها لم تتغير سقط الاجتهاد كما استجوده في المدارك وقيد به كلام الشيخ (قدس سره) وبذلك صرح في المنتهى نقلا عن الشيخ، وظاهره الجمود عليه حيث قال: لو صلى عن اجتهاد إلى جهة ثم أراد أن يصلي أخرى قال الشيخ في المبسوط يعيد اجتهاده إلا إذا علم أن الأمارات لم تتغير وهو قول الشافعي وأحمد (1) وظاهره كما ترى - الموافقة لما نقله عن الشيخ وهو