قال الصادق (عليه السلام) (1) " فضل الوقت الأول على الأخير كفضل الآخرة على الدنيا ".
وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " إذا صليت في السفر شيئا من الصلوات في غير وقتها فلا يضرك " أقول: المراد بغير وقتها يعني غير وقت الفضيلة وهو الوقت الأول لأن السفر أحد الأعذار كما تقدم، ويظهر من جملة من الأخبار ما ذكر في المقام وما لم يذكر ولا سيما الخبر الأخير أن أكثر اطلاق لفظ الوقت إنما هو على هذا المعنى أعني الوقت الأول خاصة إلا مع القرينة الصارفة عنه.
وقد استفيد من الأخبار المذكورة في المقام بضم بعضها إلى بعض أن المراد بالوقت المرغب فيه وهو الذي يكون للعبد فيه عهد عند الله سبحانه بايقاع الصلاة فيه إنما هو الوقت الأول وإن ترتب الفضل فيه أيضا أولا فأولا وهو الوقت الذي أول ما فرض وإن كان الثاني وقتا في الجملة، وأن التأخير إلى الثاني إن كان لضرورة أو عذر فلا اشكال ولا ريب في كونه وقتا له وأنه غير مؤاخذ بالتأخير وإن كان فضله أقل وثوابه أنقص، وإن كان لا كذلك فهو تضييع للصلاة وإن وقعت فيه أداء وأسقطت القضاء إلا أن صاحبها تحت المشيئة بسبب تقصيره في التأخير فإن شاء الله عفى عنه وقبل منه وإن شاء عذبه، وملخصه أن وقتية هذا الوقت الثاني أولا وبالذات إنما هي لأصحاب الأعذار والاضطرار ورخصة لهم من حيث ذلك وإن أجزأت لغيرهم مع استحقاقهم البعد والمؤاخذة من الله سبحانه إلا أن يعفو بفضله وكرمه، وإلى ما ذكرنا يشير كلام الرضا (عليه السلام) في كتاب الفقه (3) حيث قال: " وإنما جعل آخر الوقت للمعلول فصار آخر الوقت رخصة للضعيف لحال علته ونفسه وماله وهي رحمة للقوي الفارغ لعلة الضعيف والمعلول " ثم أطال بذكر بعض النظائر ومرجعه إلى ما ذكرناه، وبذلك يظهر لك قوة ما اخترناه