الخصم به في المقام؟ ما هذا إلا عجيب كما لا يخفى على ذوي الألباب والأفهام.
وأما ما ادعاه من الحرج العظيم في ضبط الأوقات ومعرفة الساعات وضبط انتصاف الليل وطلوع الشمس وغروبها فهل هو إلا رد على الشارع من حيث لا يشعر قائله حيث إنه جعل هذه الأوقات حدودا للفرائض والصلوات وجعلها مناطا للأداء والقضاء واختصاص الفريضة الثانية من آخره بمقدارها والأولى من أوله بمقدارها ونحو ذلك والأمر في المقامين واحد، والحرج ليس دائرا مدار ما تنفر منه النفوس البشرية وتستثقله الطبائع الانسانية وإن اقتضته الأدلة الشرعية وإلا لسقطت جملة من التكاليف الشاقة كالجهاد والحج والصوم في الأيام الصائفة ونحو ذلك لنفور النفوس منها. وأما ما ذكره من لزوم الحرج بالاقتصار على أقل ما يتعيش به فقد عرفت أنه ليس من لوازم هذه المسألة بخصوصها.
وبما ذكرنا يظهر لك أن جميع ما ذكره إنما هو كغيم علا فاستعلى ثم فرقته الريح فتفرق وانجلى. والله العالم.
(الموضع الرابع) - في بيان ضعف القولين الآخرين وهما ما ذهب إليه صاحب المدارك تبعا للمحقق من وجوب تقديم الفائتة المتحدة دون المتعددة، وما ذهب إليه في المختلف من وجوب تقديم الفائتة إن ذكرها في يوم الفوات سواء اتحدت أو تعددت، وإن لم يذكرها حتى يمضي ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة في أول وقتها.
فأما القول الأول فيرده (أولا) أنه إنما استدل على جواز تقديم الحاضرة على الفوائت المتعددة بصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة التي قد عرفت تطرق الطعن إليها بما قدمناه، ولكن عذره في الاستدلال بها ظاهر حيث إنه في باب الأوقات استدل بها على امتداد وقت العشاءين إلى قبل الفجر للمضطر، ونحن قد قدمنا في تلك المسألة بطلان هذا الاستدلال وأن هذه الرواية الدالة على ذلك ونحوها إنما خرجت مخرج التقية وحينئذ فلا دلالة فيها في الموضعين على ما ادعاه.