ترك الوتر في كل ليلة، وفهم منه بعض الأصحاب إرادة التقديم في أول الليل كما قد ورد ، في جملة من الأخبار - وستأتي في بابها - فحمله على الضرورة، وفيه تكلف ظاهر مع عدم الحاجة إليه فإن المبيت بغير وتر صالح لإرادة اخلاء الليل من الوتر ولو مجازا فإن بابه واسع، والقرينة على إرادة هذا المعنى من الكلام واضحة وإن استبعد ذلك بالنظر إلى ظاهر اللفظ، فالوجه حينئذ حمله على التقية كما احتمله بعض الأصحاب. انتهى.
أقول: ظاهر كلامهم يعطي أنهم حملوا الوتر في الخبر المذكور على الوتر المضاف إلى صلاة الليل، ولما كان وقته آخر الليل وهذا الخبر يدل بظاهره على تقديمه أول الليل اضطروا إلى تأويله واضطربوا في التفصي عن ذلك، فبين من حمل تقديمه في أول الليل على الضرورة بالنظر إلى ما ورد من جواز تقديم صلاة الليل لذوي الأعذار، وبين من حمله على التقية، وبين من حمله - كما اختاره المحقق المذكور - على أن المراد الاتيان به في جزء من الليل وإن كان في آخره وإن معنى المبيت عليه أن لا ينقضي الليل إلا وفيه وتر. والكل كما عرفت تكلف ناشئ عن عدم الوقوف على رواية أبي بصير الكاشفة عن هذا الاجمال.
وأما الفاضل الشيخ محمد ابن المحقق المذكور فإنه قال في شرح قول الصدوق في الفقيه (1) " وأما الركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس فإنهما تعدان بركعة فإن أصاب الرجل حدث قبل أن يدرك آخر الليل ويصلي الوتر يكون قد مات على الوتر وإذا أدرك آخر الليل صلى الوتر بعد صلاة الليل، وقال النبي (صلى الله عليه وآله): من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر " فكتب الفاضل المذكور على صدر العبارة:
كأن المصنف أراد بيان معنى الحديث الوارد بعد هذا الكلام وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله) " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر " وحاصل كلامه ظاهر غير أنه بعيد المناسبة لسياق الحديث كما لا يخفى على المتأمل، ويخطر بالبال أن يكون المراد