أقول: أما ما ذكره بالنسبة إلى ذوات الأسباب فقد تقدم الكلام فيه. وأما ما ذكره - من أن من تطهر في هذه الأوقات وصلى فإنه لا يصدق على صلاته هذه أنها نافلة مبتدأة - فلا يخفى ما فيه. وأما ما استند إليه من الحث على الصلاة عقيب الطهارة ففيه أنه كما ورد استحباب الصلاة بعد الطهارة (1) كذا ورد الحث على الصلاة أيضا بقول مطلق وأنها خير موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر (2) ورود أن الرجل ليصلي الركعتين تطوعا يريد بهما وجه الله عز وجل فيدخله الله بهما الجنة (3) ونحو ذلك. وبالجملة فالحث على الصلاة والأمر بها لا ينافي الكراهة باعتبار عروض بعض أسبابها، ألا ترى أن صلاة الفريضة مع ما هي عليه من الوجوب حتى صرحت الأخبار بكفر تاركها تعرض لها الكراهة باعتبار بعض الأمكنة والأزمنة والأحوال مثلا. وأما ما ذكره من الخبر فهو خبر عامي خبيث وكذب بحت صريح لتضمنه دخول بلال الجنة قبل النبي (صلى الله عليه وآله) وقد بينا ما فيه من المفاسد في مقدمات كتابنا سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد، فالاستدلال به من مثل شيخنا المشار إليه عجيب.
(الحادي عشر) - قال في الذكرى أيضا: ليس سجود التلاوة صلاة فلا يكره في هذه الأوقات ولا يكره التعرض لسبب وجوبه أو استحبابه، وكذا سجود الشكر.
أما سجود السهو ففي رواية عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) (4) " لا يسجد سجدتي السهو حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها " وفيه اشعار بكراهة مطلق السجدات.
(الثاني عشر) - قال في الذكرى: لو ائتم المسافر بالحاضر في صلاة الظهر تخير في جمع الظهر والعصر أو الاتيان بالظهر في الركعتين الأوليين فيجعل الأخيرتين نافلة. ولو ائتم في العصر فالظاهر التخيير أيضا، ويأتي على قول من عمم كراهة النافلة