ثم إن ظاهر قوله في المدارك في آخر العبارة: " قال العلامة في المنتهى: ولا نعلم فيه خلافا " راجع إلى ما ذكره من التفصيل في المسألة، وعبارة المنتهى لا تساعد على ذلك فإن حكم تغير الاجتهاد بعد الفراغ غير مذكور فيها حيث قال: فلو تغير اجتهاده في الصلاة فإن كان منحرفا يسيرا استدار إلى القبلة وأتم ولا إعادة وإن كان مشرقا أو مغربا أو مستدبرا أعاد، ثم نقل عن بعض الجمهور الإعادة مطلقا (1) وقال إنه ليس بجيد ثم نقل عن آخرين أنه لا يرجع ويمضي على الاجتهاد الأول، قال وهؤلاء عن التحقيق بمعزل، ثم قال وكذا لو تجدد يقين بالجهة المخالفة في أثناء الصلاة استدار إليها كأهل قبا لما استداروا إلى القبلة ولا نعرف فيه خلافا. انتهى.
أقول: وفي عد استدارة أهل قبا في هذه المسألة نظر لا يخفى، فإن الاستدارة يومئذ إنما هو لنسخ القبلة الأولى إلى قبلة ثانية فيكون ما مضى من الصلاة وقع على قبلة صحيحة أصلية وما بعد النسخ كذلك بخلاف ما نحن فيه فإن تغاير القبلتين إنما هو من حيث الاعتبار باجتهاد المصلي وظنه وتغير اجتهاده وحصول ظن آخرا وعلم بعد ظن وإنما هي قبلة واحدة يخطئها المخطئ ويصيبها المصيب والروايات قد فصلت الأحكام المتعلقة بهذا الخطأ وهذه الإصابة في الصور المتقدمة وليس الأمر في ما ذكره كذلك كما لا يخفى.
(الرابع) - قال في المدارك: لو خالف المجتهد اجتهاده وصلى فصادف القبلة لم تصح صلاته لعدم اتيانه بالمأمور به. وقال الشيخ في المبسوط بالاجزاء لأن المأمور به هو التوجه إلى القبلة وقد أتى به. وهو ممنوع إذ المعتبر البناء على اجتهاده ولم يفعل فيبقى في عهدة التكليف. انتهى.
أقول: قد تتبعت كتاب المبسوط في باب القبلة فلم أقف على هذا الفرع فيه،