بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي دفن فيه. مع أن الظاهر أن بناء البيت كان موافقا لبناء المسجد وبناء البيت أوفق بالقواعد من المحراب، وأيضا مخالف لمسجد قبا ومسجد الشجرة وغيرهما من المساجد التي بناها النبي (صلى الله عليه وآله) أو صلى فيها ولذا حمل بعض الأفاضل ممن كان في عصرنا حديث المفضل وأمثاله على مسجد المدينة وقال لما كانت الجهة وسيعة وكان الأفضل بناء المحراب على وسط الجهات إلا أن تعارضه مصلحة كمسجد المدينة حيث بنى محرابه على خط نصف النهار لسهولة استعلام الأوقات مع أن وسط الجهات فيه منحرف نحو اليسار فلذا حكموا باستحباب التياسر فيه ليحاذي المصلي وسط الجهة المتسعة، وسيأتي مزيد توضيح لتلك المقاصد مع الأخبار والقرائن الدالة عليه في كتاب المزار. والله أعلم وحججه (عليهم السلام) بحقائق الأخبار والآثار.
انتهى كلامه علت في الخلد أقدامه.
وما أشار إليه في كتاب المزار قد قدمنا ذكر جملة منه آنفا في مسألة استحباب التياسر، وإذا ثبت ما ذكرنا في مسجد المدينة والكوفة ففي ما ذكره من المساجد بطريق أولى إذ ليس لها من الشهرة وقوة الاعتماد ما لهما.
ثم إن جملة من المتأخرين ذكروا أنه مع فقد العلم يعول على الأمارات المفيدة للظن وادعى عليه في المعتبر والمنتهى اتفاق أهل العلم.
ويدل عليه من الأخبار صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) قال:
" يجزئ التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة ".
وموثقة سماعة (2) قال: " سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم ير الشمس ولا القمر ولا النجوم؟ قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك ".
وروى المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه عن تفسير النعماني بإسناده عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) (3) " في قول الله عز وجل: فول وجهك شطر المسجد