تعمير المسجد في زماننا ما يدل على خلافه كما سيأتي ذكره مع أن الظاهر من بعض الأخبار أن هذا البناء الذي كان في زمن أمير المؤمنين (عليه السلام) انتهى.
(الثامن) - قد صرح غير واحد من فضلاء متأخري المتأخرين بسهولة الأمر في القبلة واتساع الدائرة فيها وأنه لا ضرورة إلى ما ذكره المنجمون. وهو كذلك، وتوضيحه أنه لا يخفى أن الصلاة عمود الدين الذي لا ثبوت له ولا قيام إلا بها ولذا ورد أن قبول الأعمال يتوقف على قبولها وورد أن تاركها كافر كما تقدم ذكر ذلك في المقدمة الأولى، ولا ريب أن صحتها منوطة بالاستقبال بالضرورة من الدين ومع هذا فلم يرد عنهم (عليهم السلام) في معرفتها مع البعد إلا خبران مجملان بالنسبة إلى أهل العراق خاصة من قوله (عليه السلام) (1) في أحدهما بعد سؤاله عن القبلة " ضع الجدي في قفاك وصل " وقوله (عليه السلام) (2) في الآخر بعد قول السائل: إني أكون في السفر ولا اهتدي إلى القبلة بالليل فقال: " أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي؟ قال: نعم قال اجعله على يمينك وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك " ومع غفلة أصحابهم عن السؤال عن ذلك وتحقيقه كيف رضوا لهم بذلك ولم يحققوا لهم تلك المسالك مع ضروريته وتوقف صحة الصلاة عليه لو كان ذلك على ما يقوله أهل الهيئة من التدقيقات والتحقيقات والعلامات لكل قطر وناحية؟ مع أن الذي ورد عنهم (عليهم السلام) إنما هو عكس ذلك وهو قولهم في الحديثين المتقدمين (3) " ما بين المشرق والمغرب قبلة " ويؤيد ذلك بأوضح تأييد ما عليه قبور الأئمة (عليهم السلام) في العراق من الاختلاف مع قرب المسافة بينها على وجه يقطع بعدم انحراف القبلة فيه مع استمرار الأعصار والأدوار من العلماء الأبرار على الصلاة عندها ودفن الأموات ونحو ذلك، وهو أظهر ظاهر في التوسعة كما لا يخفى. وكيف كان فما ذكره علماء الهيئة مما سيأتي الإشارة إلى بعضه أولى وأحوط إلا أن في وجوبه كما يفهم من كلام أكثر أصحابنا اشكالا لما عرفت