والأقرب أنه إنما أراد جعل ذلك وقت فضيلة لها لا وقت وجوب ولكنه للعلة المذكورة لم يجعله. والله العالم.
(المسألة الثانية عشرة) - لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) بل كافة العلماء في أن أول وقت صلاة الصبح هو طلوع الفجر الثاني وهو المستطير في الأفق أي المنتشر فيه الذي لا يزال في زيادة، ويقابله الفجر الأول وهو الذي يبدو كذنب السرحان مستدقا مستطيلا إلى فوق، ويسمى هذا الكاذب لعدم دلالته على الصبح واقعا وذاك يسمى الصادق لصدقه عن الصبح.
والمستند في ما ذكرناه الأخبار المستفيضة، ومنها - ما رواه ثقة الاسلام في الكافي عن علي بن مهزيار (1) قال: " كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) معي: جعلت فداك قد اختلف موالوك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء، ومنهم من يصلي إذا اعترض في أسفل الأفق واستبان ولست أعرف أفضل الوقتين فأصلي فيه فإن رأيت أن تعلمني أفضل الوقتين وتحده لي وكيف أصنع مع القمر والفجر لا يتبين معه حتى يحمر ويصبح وكيف أصنع مع الغيم وما حد ذلك في السفر والحضر فعلت إن شاء الله تعالى؟ فكتب بخطه وقرأته: الفجر يرحمك الله هو الخيط الأبيض المعترض ليس هو الأبيض صعدا فلا تصل في سفر ولا حضر حتى تتبينه فإن الله تعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا فقال: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.. " (2) فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم وكذلك هو الذي توجب به الصلاة ".
وما رواه الشيخ في التهذيب عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) (3)