عنه آنفا، ثم حمل أخبار النهي على الكراهة جمعا.
أقول - وبالله الثقة - لا يخفى عليك بعدما تلوناه من أخبار القول المشهور ما في كلامهم في المقام من القصور وذلك من وجوه:
(الأول) - أنه من القواعد المتكررة في كلامهم والمتداولة على رؤوس أقلامهم أنهم لا يجمعون بين الأخبار إلا مع التكافؤ في الأسانيد وإلا فتراهم يطرحون الضعيف ويعملون على الصحيح، ومن قواعدهم أيضا أنه مع حصول الترجيح في أحد الجانبين فإنهم يعملون بالراجح ويجعلون التأويل في جانب المرجوح، ومقتضى هاتين القاعدتين هو العمل بما ذكرناه من الأخبار الدالة على القول المشهور لصحة كثير منها كما عرفت وكثرتها وصراحتها وضعف ما قابلها سندا وعددا ودلالة كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى ولكنهم (رضوان الله عليهم) لجمودهم على ما حضرهم من الأخبار وعدم التتبع لروايات المسألة كما هو حقه عكسوا القضية في الموضعين، والعجب من صاحب المدارك أنه يطعن على روايتي محمد بن مسلم وأديم بن الحر باشتمالهما على الطاطري وعبد الله بن جبلة مع أنهما ثقتان فحديثهما معدود في الموثق وإن كان الموثق عنده من قسم الضعيف ثم يستدل بموثقة سماعة ويصفها بكونها موثقة مع ذكره تلك الروايتين بعنوان رواية فلان ايذانا بضعفهما وسؤال الفرق متجه، مع أن رواية سماعة قد اشتمل طريقها على عثمان بن عيسى الذي قد علم من طريقته عد حديثه في الضعيف زيادة على سماعة، فإن كان الخبر الموثق يصلح دليلا شرعيا فلا معنى لرده الخبرين المذكورين وإلا فلا معنى لتعلقه بخبر سماعة، ولكن أصحاب هذا الاصطلاح لضيق الخناق ولا سيما السيد المذكور لا يقفون على قاعدة ولا ضابطة (الوجه الثاني) - ما عرفت في غير مقام مما تقدم من أن ما اصطلحوا عليه في الجمع بين الأخبار بحمل النهي على الكراهة والأمر على الاستحباب قاعدة لم يرد بها نص ولا كتاب وإن اتخذوها قاعدة كلية في جميع الأبواب، وكيف لا وقد صرحوا في الأصول بأن النهي حقيقة في التحريم والأمر حقيقة في الوجوب، فحمل كل منهما