ذلك قريبا وذكرنا وجه الجمع بين الأخبار بأحد وجهين، ونزيد هنا وجها ثالثا ولعله الأقرب وهو حمل أخبار جواز ترك النافلة على ظاهرها وحمل أخبار الذم وجعلها معصية يستحق عليها العذاب على مجرد التأكيد، فإنه لا يخفى على من أحاط خبرا بأخبارهم (عليهم السلام) أنهم كثيرا ما يؤكدون في المستحبات على وجه يكاد يلحقها بالواجبات وفي النهي عن المكروهات بما يكاد يدخلها في حيز المحرمات، ويؤيد هذا التوجيه سوق الصلاة في قرن الصوم الواجب والزكاة الواجبة في تلك الأخبار الدالة على الجواز مع أن تارك الصوم المستحب والزكاة المستحبة بأي نحو كان لا يكون مؤاخذا فإنه لم يرد فيهما ما يدل على أن تركهما معصية أو يكون موجبا لاستحقاق العقاب وحينئذ فذكر ذلك في الصلاة دونهما محمول على مجرد التأكيد والحث على النوافل. والله العالم.
(الثامنة) - ما تضمنته مرفوعة الفضل ابن أبي قرة من تقسيم الإحدى وخمسين ركعة على الساعات المذكورة في الخبر قد روى الصدوق في كتاب العلل عن أبي هاشم الخادم (1) قال: " قلت لا بي الحسن الماضي (عليه السلام) لم جعلت صلاة الفريضة والنافلة خمسين ركعة لا يزاد فيها ولا ينقص منها؟ قال لأن ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة وما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة فجعل لكل ساعة ركعتين وما بين سقوط الشمس إلى سقوط الشفق غسق فجعل للغسق ركعة " وهذا الخبر وإن تضمن السؤال عن الخمسين إلا أن الجواب - كما ترى - يشتمل على إحدى وخمسين فيشبه أن يكون قد وقع فيه سهو باسقاط " إحدى " من السؤال من المصنف أو أحد الرواة، ويحتمل أن السؤال إنما كان كذلك فأجاب بما ذكر وفيه تنبيه للسائل على أنه كان الأولى أن يسأل عن إحدى وخمسين، إلا أن الصدوق في الخصال قد روى هذا الخبر بغير قوله " فجعل للغسق ركعة " وحينئذ فيكون الجواب موافقا للسؤال، إلا أنه يبقى الاختلاف بين هذا الخبر على هذه الرواية وبين مرفوعة الفضل المتقدمة،