التهذيب وقوله فيه " ما بين المغرب والعشاء " ما لفظه: ولا يخفى أن المراد ما بين وقت المغرب ووقت العشاء أعني ما بين غروب الشمس إلى غيبوبة الشفق كما يرشدك إليه الحديث السابق لا ما بين الصلاتين، وقد ورد الأحاديث الصحيحة أن أول وقت العشاء غيبوبة الشفق (1) ومن هذا يستفاد أن وقت أداء ركعتي الغفيلة ما بين الغروب وذهاب الشفق فإن خرج صارت قضاء. انتهى. أقول: أشار بالحديث السابق إلى ما نقلناه أخيرا من حديث بث إبليس جنوده من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق.
وأنت خبير بأن غاية ما يدل عليه الخبر المذكور أن ابتداء البث من ذلك الوقت ولا دلالة فيه على كون الصلاة من ذلك الوقت، ومجرد كون هذه الصلاة تصلى في ساعة الغفلة لا يستلزم جواز تقديمها على الفريضة سيما مع استفاضة النصوص بالمنع من النافلة بعد دخول وقت الفريضة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في محلها، على أنها بين الفرضين واقعة في الساعة المذكورة متى صلى الفرضين في وقت فضيلتهما، ورواية هشام بن سالم صريحة في كونها بين الفرضين وكذا المرسلة المنقولة في كتاب فلاح السائل عن النبي (صلى الله عليه وآله) ونحوهما المرسلة الثانية. وبالجملة فالظاهر من الأخبار أن وقتها إنما هو بين الصلاتين وإن كانت ساعة الغفلة ممتدة من غروب الشمس، ولعل السر في تخصيصها بما ذكرناه من حيث الأخبار المانعة من التطوع بعد دخول وقت الفريضة.
(الثانية) - المفهوم من الأخبار اختصاص القضاء بالرواتب اليومية بعد فوات أوقاتها، وصريح شيخنا المتقدم أن هاتين الركعتين تقضيان بعد فوات وقتهما، ولم أقف له على دليل بل ولا قائل سواه (قدس سره) ولعل منشأ ما ذهب إليه من حيث التوقيت إلا أن مجرد ذلك لا يوجب القضاء فإنه كما يتوقف الاتيان بها في ذلك الوقت على دليل كذلك يتوقف القضاء على الدليل على الأشهر الأظهر، ومجرد فوات الأداء لا يستلزم القضاء كما عليه المحققون من أصحابنا (رضوان الله عليهم).